“البيعة العتيقة”: تحفة تاريخية في قلب الموصل
كنيسة الطاهرة القديمة، التي يُطلق عليها العامة في الموصل “البيعة العتيقة”، تحتل مكانة مميزة في قلب المدينة، حيث تقع مباشرة أمام دار المطرانية.
تاريخ عريق وأسرار مخفية
بنيت الكنيسة في القرن الثاني عشر، ويُعتقد أن تأسيسها يعود إلى القرن السابع، وهذا ما تؤكده عمقها عن مستوى الشارع بثلاثة أمتار وتصميم هيكلها القديم. للأسف، التجديدات الأخيرة أدت إلى اختفاء العديد من الكتابات التاريخية داخل الهيكل.
ذكريات متجددة
أول ذكر مكتوب للكنيسة كان في ذيل مخطوطة من عام 1672م، حيث جُدّدت في القرن الثامن عشر ضمن تجديد الكنائس سنة 1744م، بعد الغزو الفاشل لطهماسب الفارسي على الموصل في 1743م. تاريخ بناء الباب المقابل للمذبح الصغير يعود إلى 1795م، وهناك كتابات أخرى تشير إلى تجديد الكنيسة في 1809م، أما الباب الخارجي الكبير فهو من سنة 1821م.
تحفة فنية وسط الدمار
رغم ما أصاب الكنيسة من تشويه بسبب الظروف، إلا أنها تظل تحفة فنية بزخارفها ونقوشها المميزة من عهد الجليلي (1726-1834م). من أبرز معالمها جُرن العماد وأيقونة العذراء البارزة من المرمر الأبيض، وهيكل القديس الشهيد مار يعقوب المُقطّع في معبد ملحق بالكنيسة.
التحولات الطائفية
بعد الانقسام بين السريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك في 1839م، أصبحت الكنيسة من حصة الكاثوليك، واستمرت الصلوات والشعائر الدينية بالتناوب لفترة طويلة.
مدفن العظماء
تضم الكنيسة مدفن الآباء والأساقفة، حيث يرقد فيه مطارنة الأبرشية والبطريرك بهنام بني (توفي 1897م)، والمطران بولس دانيال (توفي 1916م). كما ضم جثمان المطران عمانوئيل بني في 11 ديسمبر 1999م.
مزار الروحانيات
الكنيسة تحمل اسم مريم العذراء سيدة الانتقال، وعيدها في 15 أغسطس. وهي اليوم مزار يجذب المؤمنين من مختلف الأديان للصلاة والتشفع والتبرك، محافظة على إرثها الروحي والثقافي في قلب الموصل.