سيناريوهات معقدة.. ما السبب وراء تأخر الاجتياح البري لغزة
أسماء صبحي
لا تزال الحرب في غزة لم تضع أوزارها مع استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع، والذي بدأ في 7 أكتوبر الماضي وأوقع حتى الآن أكثر من 5 آلاف شهيد بالإضافة إلى نحو 20 ألف مصاب ودمر آلاف المنشآت في منطقة تئن تحت الحصار.
وخلال الأسبوعين الماضيين بعد هجوم حركة حماس المباغت على المدن الإسرائيلية، والذي أدى لسقوط 1400 قتيل، حشد الجيش الإسرائيلي الآلاف من جنود الاحتياط وعشرات الدبابات على حدود غزة تحضيراً لاجتياح بري محتمل.
وجاء هذا بالتزامن مع حملة قصف مكثفة استهدفت أحياء القطاع المحاصر، ما خلّف آلاف الضحايا ما بين قتيل وجريح، حيث سوّيت عشرات المباني والأبراج السكنية بالأرض، وأبيدت عائلات من سكان غزة بأكملها.
ومن الواضح أن إسرائيل لم تحسم حتى الآن توقيت هجومها البري في قطاع غزة، بالرغم من أن التهديدات المتعلقة بتنفيذ هذه العملية تكررت كثيراً على لسان المسؤولين خلال الأسبوعين الماضيين.
اعتبارات تكتيكية
ويطلق تأخير تنفيذ الهجوم تساؤلات بشأن الأسباب التي تقف وراء عدم اتخاذ قرار تنفيذ العملية، وما إذا كانت ترتبط بمحددات عسكرية أم سياسية أم بما هو أبعد من ذلك، حيث أشارت صحف غربية مؤخراً إلى اعتبارات تتعلق بالأسرى المحتجزين لدى حماس، ومخاوف توسع الحرب لتصبح إقليمية، إذا ما انضم لاعبون جدد إلى المعادلة.
ومن جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، إن سيناريو الاجتياح سيتم تطبيقه في الأيام القادمة بهدف القضاء على حماس.
ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، الثلاثاء، عن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي قوله إن “اعتبارات تكتيكية واستراتيجية” تؤخر الهجوم البري في قطاع غزة، متابعاً: “أجرينا الاستعدادات لهذا. الجيش الإسرائيلي والقيادة الجنوبية جهّزا خطط هجوم جيدة لتحقيق أهداف الحرب… الجيش الإسرائيلي مستعد للمناورة (البرية)، وسنتخذ القرار مع المستوى السياسي فيما يتعلق بشكل المرحلة التالية وتوقيتها”.
أسوأ قتال شوارع
فيما أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة قد تؤدي إلى أسوأ قتال شوارع منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال العقيد الأميركي توماس أرنولد، الذي يحلل مثل هذه العمليات في الشرق الأوسط: “سيكون الأمر فظيعا. المدن هي ساحة الشيطان، وهي تجعل العملية أكثر صعوبة بكثير”، بحسب تعبيره.
ولفتت الصحيفة إلى أن العملية في غزة يمكن أن تستغرق “عدة أشهر، إن لم يكن سنوات”، وتؤدي إلى “امتداد الحرب إلى لبنان وإيران”.
وأوضحت أن مثل هذه العمليات في المناطق المكتظة بالسكان يمكن أن تؤدي إلى وقوع إصابات كبيرة بين السكان المدنيين.
أنفاق عنكبوتية وأسرى
ولا يجب إغفال شبكة الأنفاق العنكبوتية داخل غزة، والتي تشكل معضلة كبرى بالنسبة لأي قوات برية تدخل القطاع.
ونقل موقع “أكسيوس” Axios الأميركي، الثلاثاء، عن مسؤولين إسرائيليين اثنين القول إن إسرائيل مستعدة لتأجيل العملية البرية لغزة، لبضعة أيام، لإتاحة المجال أمام إجراء محادثات تفضي إلى إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى، الذين تحتجزهم حماس في القطاع.
وتابع مسؤول إسرائيلي كبير: “تريد إسرائيل وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بذل كل جهد لمحاولة إخراج الرهائن من غزة. وإذا اقترحت حماس إطلاق سراح عدد كبير، فسنكون بالطبع مستعدين للقيام بأشياء في المقابل”.
أوباما يحذر
وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”، بأن مسؤولين أميركيين نصحوا إسرائيل بالتروي قبل شن عملية برية في غزة حتى تتمكن الولايات المتحدة من إرسال “أصول عسكرية” على الأرض والاستعداد في حال اتساع رقعة الصراع إقليميا.
وفي تصريح نادر ومفاجئ، حذر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من أن بعض الإجراءات التي تلجأ إليها إسرائيل في حربها ضد حماس مثل قطع إمدادات الغذاء والماء عن غزة يمكن أن “تؤدي إلى تصلب المواقف الفلسطينية لأجيال” وتضعف الدعم الدولي لإسرائيل.
وقال أوباما، إن أي استراتيجية عسكرية إسرائيلية تتجاهل الخسائر البشرية للحرب “يمكن أن تأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف”.
وتظل صورة قطاع غزة المستقبلية غامضة، وستتوقف إلى حد كبير على من ستكون له الغلبة في نهاية الحرب.
وبينما تملك إسرائيل القدرة العسكرية وآلة الحرب المتطورة، تحاول حماس استخدام ورقة الأسرى، الذين أسرتهم خلال هجومها المباغت على البلدات الإسرائيلية المتاخمة للقطاع، من أجل تأخير أو إلغاء الهجوم البري تماما