في ذكرى اغتياله.. كيف وصل سيف الدين قطز إلى حكم مصر؟
أميرة جادو
يصادف اليوم ذكرى عام 1260 قتل القائد المملوكي السلطان “سيف الدين قطز” بعد مسيرة عامرة بالإنجازات الضخمة على رأسها وأد خطر التتار.
عن حياة سيف الدين قطز ونشأته
ولد سيف الدين قطز، في أسرة ملكية بمملكة خوارزمشاه بفارس، ولم يذكر المؤرخون السنة التي ولد فيها، وكان أقرب تاريخ ذكر في سيرة قطز هو عام 628 هـ الموافق 1231 عندما تمَّ اختطافه عقب انهيار الدولة الخوارزمية على يد التتار، وحمل هو وغيره من الأطفال إلى دمشق.
عرف “سيف الدين قطز” فنون القتال على يد خاله جلال الدين نظرًا لاستشهاد أبيه وهو لايزال رضيعًا في حروب المسلمين الأولى ضد التتار، وكان اسمه وقتها محمود، ثم دارت الدائرة على مملكة جلال الدين وقضى التتار عليه وعلى ملكه، وأسر الأمير محمود وبيع عبدًا في السوق لثري من أثرياء الشام، فرباه الثري وأحسن تربيته.
تعلم “قطز” اللغة العربية وأصولها، وحفظ القرآن الكريم ودرس الحديث، وبعد موت الثري أصبح قطز مملوكًا لابن الثري، ولم يجد منه عناية وحسن تعامل، فبيع قطز لثري آخر من أثرياء الشام، وكان هذا الثري مدخلًا لقطز لاقتحام الحياة السياسية والجهاد ضد الصليبيين.
بيع “سيف الدين قطز” إلى الملك الصالح عهد به إلى الأمير المملوكي عز الدين أيبك، فتربى قطز مثل باقي المماليك حيث يتم إلحاقهم بمدرسة المماليك، ويتم تعليمهم اللغة العربية قراءة وكتابة، ثم حفظ القرآن الكريم ومبادئ الفقه الإسلامي، ثم فنون القتال من الرمي بالسهام والقتال بالسيوف، وركوب الخيل ووضع الخطط الحربية والتصرف في أمور الدولة.
وقد ساعدت التربية الإسلامية والقتالية لـ “قطز” في سن الطفولة والشباب بقصر خاله السلطان جلال الدين حيث تولى تربيته بعد وفاة أبيه، حلال ذلك الوقت في تفوق قطز على أقرانه من المماليك الذين اشتراهم الملك الصالح، كما نشأ على كراهية المغول وسمع وشاهد القتال والمعارك التي قادها خاله وأبوه في بلاد الخوارزميين.
سبب تسمية الأمير باسم قطز
كان التتار هم الذين أطلقوا على محمود ابن الأمير ممدود اسم قطز، وهذه الكلمة بالتترية تعني الكلب الشرس، إذ كان واضحًا على قطز علامات القوة والبأس من صغره.
بدأ صدى طبول الحروب التتارية يتردد على حدود مصر، واقتربت رياح الغزو التتري لبلاد الشام ومصر، ولم يكن بوسع السلطان الصبي آنذاك نور الدين علي أن يفعل شيئًا إزاء خطر التتار الداهم والقريب، إذ كان يقضي وقته في ركوب الحمير والتنزه في القلعة، واللعب بالحمام مع الخدم.
ومع كل خبر جديد يصل عن وحشية التتار كانت الأحوال في مصر تزداد اضطرابًا، وانتهز قطز الفرصة المناسبة عندما خرج أمراء المماليك البحرية والمعزية في رحلة صيد في منطقة العباسية في الشرقية وعلى رأسهم الأمير سيف الدين بهادر والأمير علم الدين سنجر الغتمي وقبض قطز على السلطان المنصور وأخيه قاقان وأمهما واعتقلهم في أحد أبراج القلعة.
وحين قدم المماليك من رحلة الصيد بقيادة سيف الدين بهادر وعلم الدين سنجر، أنكروا على قطز ما فعله، فأخبرهم بخطر التتار القادم على بلاد الشام ومصر، وقال لهم: “إني ما قصدت إلا أن نجتمع على قتال التتار، ولا يأتي ذلك بغير ملك، فإذا خرجنا وكسرنا هذا العدو، فالأمر لكم في السلطنة ما شئتم ليتسلم قطز السلطة ويبدأ عهدًا فاصلًا في تاريخ مصر”.
مقتل سيف الدين قطز
كانت نهاية سيف الدين قطز بعد معركة عين جالوت بخمسين يوم فقط والتي نجح فيها بشكل ساحق ووأد خطر التتار، واتفق المؤرخون على أن قطز قتل وهو في طريق عودته من دمشق إلى القاهرة في منطقة تسمى الصالحية واتهم بيبرس ـ حاكم مصر لاحقا ـ في مقتله واختلف المؤرخون حول سبب إقدام بيبرس على تصفية السلطان قطز.
بعد مقتل قطز بقي ملقىً على الأرض مضرّجًا بدمائه إلى أن دفنه بعض غلمانه، وصار قبره يقصد للزيارة والتبرك والناس يترحمون عليه ويدعون على قاتله، وكثر الترحم عليه والدعاء على من قتله.
ولما كان الملك الظاهر بيبرس قد شارك في قتله وبلغه ذلك، أرسل على الفور من ينقله بالقرب من زاوية الشيخ تقي الدين، ثم نقله الحاج قطز الظاهري إلى القرافة ودفن بالقرب من زاوية ابن عبود.