في ذكرى وقوعها.. لماذا أطلق المصريون على الثورة العرابية اسم “هوجة” عرابي؟

أميرة جادو
يصادف اليوم ذكرى واحدة من أبرز الثورات في التاريخ المصري، حيث اندلعت في مثل هذا اليوم، 9 سبتمبر 1881، الثورة العرابية بقيادة أحمد عرابي، وقد كان عرابي قائدًا عسكريًا وزعيمًا وطنيًا بارزًا، تصدى لسلطة الخديوي توفيق، وتولى منصب ناظر الجهادية، وهو ما يعادل وزارة الدفاع في وقتنا الحالي، كما كان يحمل رتبة أميرالاي، أي ما يعادل رتبة عميد اليوم.
هوجة عرابي
ارتبطت الثورة العرابية في الأوساط الشعبية بلقب “هوجة عرابي”، وهو وصف استخدم للتقليل من قيمة الثورة وزعيمها، وساهم مؤرخون مقربون من السلطة الملكية في تلك الفترة في نشر هذا المصطلح تحت تأثير الحكام.
وفي مذكراته “عهدي: مذكرات عباس حلمي الثاني خديو مصر الأخير”، وجه الخديو عباس حلمي الثاني انتقادات قاسية للثورة العرابية، محمّلًا قائدها أحمد عرابي مسؤولية الاحتلال البريطاني لمصر.
كما ساند رجال الحزب الوطني برئاسة مصطفى كامل هذا الطرح، على الرغم من أن عباس حلمي نفسه لم ينكر واقعة قصر عابدين الشهيرة.
الانتقادات الموجهة إلى عرابي والثورة
تعرض أحمد عرابي خلال تلك الفترة إلى انتقادات حادة، حيث وصف بعض المؤرخين ثورته بأنها مجرد “هوجة”، واتهموه بالتسرع والرغبة في الوصول إلى الحكم.
كما ذهب آخرون إلى اعتباره السبب المباشر وراء احتلال بريطانيا لمصر على مدار أكثر من سبعين عامًا.
ورغم هذه الانتقادات، فإن حركة الجيش بقيادة أحمد عرابي كانت في جوهرها انحيازًا للفكر القومي المصري ضد نفوذ القادة الأتراك والأوروبيين الذين سيطروا على مقدرات البلاد، فقد كان الجيش المصري، الذي شكلت الغالبية العظمى من جنوده من الفلاحين، أداة حقيقية للمقاومة والسعي نحو استقلال الوطن.
ثورتان في تاريخ عرابي
بحسب ما أورده كتاب “أيام أحمد عرابي باشا: قصة الثورة” الصادر عن مركز الهلال للتراث الصحفي، فإن وصف “هوجة” كان نتيجة لمحاولات أوروبية منظمة للتقليل من شأن الثورة العرابية، ويشير الكتاب، المعتمد على شهادات معاصرة لتلك الحقبة، إلى أن الثورة مرت بمرحلتين رئيسيتين:
- الثورة الصغرى (1881): بدأت عقب سجن أحمد عرابي ورفيقيه عبد العال حلمي وعلي فهمي بسبب مطالبتهم بعزل وزير الحربية عثمان رفقي الذي مارس التمييز ضد الضباط المصريين.
- الثورة الكبرى: اندلعت لاحقًا بفعل التدخل الأجنبي وسوء الأوضاع الاقتصادية، إضافة إلى قسوة رياض باشا في معاملة المصريين، وقد أدت مظاهرات الجيش حينها إلى رضوخ الخديوي توفيق لمطالب الضباط، فعزل عثمان رفقي وعين محمود سامي البارودي وزيرًا للحربية.
النهاية المأساوية للثورة
وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها الثورة في بدايتها، إلا أنها انتهت بالهزيمة ونفي أحمد عرابي إلى خارج البلاد. ومع ذلك، تبقى الثورة العرابية محطة مهمة في التاريخ المصري، ودليلًا على محاولة الجيش المصري آنذاك الدفاع عن فكرة الاستقلال الوطني ومقاومة الهيمنة الأجنبية والاستبداد الداخلي.



