تاريخ ومزارات

قلعة الزبير: الحصن الذي لم يستطع أحد اختراقه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

قلعة الزبير هي واحدة من أشهر القلاع التي شهدت غزوة خيبر، والتي كانت معركة حاسمة بين المسلمين واليهود في الجزيرة العربية في هذا المقال، سأحاول تقديم معلومات حصرية وتفصيلية عن قلعة الزبير، وأهمية دورها في تاريخ الإسلام.

موقع قلعة الزبير

قلعة الزبير تقع في منطقة خيبر، وهي واحة خصبة تبعد نحو 150 كيلومترا شمال المدينة المنورة. خيبر كانت مأوى للكثير من القبائل اليهودية التي هاجرت من شبه الجزيرة العربية بعد ظهور الإسلام. قلعة الزبير كانت أحد أكبر وأقوى الحصون التي بناها اليهود لحماية أنفسهم من هجمات المسلمين. قلعة الزبير كانت تقع على رأس قُلَّةٍ عالية، لا يمكن للخيل أو الرجال الوصول إليها بسهولة. كما كانت تحتوي على عيون ماء تحت الأرض، تمدُّها بالشراب والرطوبة.

 تاريخ قلعة الزبير

قلعة الزبير شهدت غزوة خيبر، والتي وقعت في عام 7 هـ / 628 م. غزوة خيبر كانت ردَّة فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم على مؤامرات اليهود ضده وضد المسلمين. فقد حاولت بعض القبائل اليهودية التحالف مع قريش وغيرها من الأعداء لإثارة الفتنة والحروب ضد المدينة المنورة. كما حاولت بعضها خداع المسلمين بإظهار المودَّة والصداقة، ثمَّ خانت عهودها واتفاقاتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقرَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغزو خيبر، وأن يفتح حصونها وأن يخضع أهلها لسطوته. فخرج بجيش من المسلمين يقدَّر بنحو 1400 مقاتل، وانطلق نحو خيبر. فلمَّا سمع أهل خيبر بقدوم المسلمين، انصرفوا إلى حصونهم، وأغلقوا أبوابها، وأشعلوا نيرانًا على رؤوس أبراجها، لإظهار قوَّتهم وثباتهم.

فبدأ المسلمون بفتح حصون خيبر تباعًا، بعد مقاتلات شديدة. فافتُتِح حصن ناعم، ثمَّ حصن الصَّعْب بن مُعَاذ. فانتقل أغلب أهل خيبر إلى قلعة الزبير، والتي كانت أقوى وأعلى حصن في خيبر. ففرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصار على قلعة الزبير، واستمرَّ ثلاثة أيام. فجاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبره بأن أهل القلعة لا يمكن أن يستسلموا، لأن لهم ماءً وعيونًا تحت الأرض، يخرجون بالليل ويشربون منها، ثمَّ يعودون إلى قلعتهم. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع ماءهم عليهم. فخرج أهل القلعة في يوم السبت، وقاتلوا المسلمين بشدَّة. فقتِل في ذلك اليوم نفر من المسلمين، وأصيب نحو عشرة من اليهود. ثمَّ افتُتِحت قلعة الزبير على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في 20 محرَّم من عام 7 هـ / 628 م.

 أثر قلعة الزبير

فتح قلعة الزبير كان حدثًا مهمًّا في تاريخ الإسلام، لأنه أدَّى إلى انتصار المسلمين على اليهود في خيبر، وإخضاعهم لشروط رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأصبح المسلمون يتقاسمون مع اليهود ثمار خيبر، التي كانت تشتهر بالزراعة والنخيل. كما أصبح المسلمون يستفيدون من خبرات اليهود في المزارعة والحِرْف. فزادت خيرات المدينة المنورة، وانطلاقًا من خيبر، استطاع المسلمون فتح بقية المناطق المجاورة، مثل وادي القُرى وفدك.

كذلك، كان فتح قلعة الزبير دافعًا لإظهار قدرات المسلمين في المجالات المختلفة، سواء في الجِهاد أو في التَّصْرِف أو في التَّشْرِيع. ففي غزوة خيبر، تألَّق بعض الصحابة بأفعال بطولية، مثل عَلِيّ بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي حمَل باب حصن خَيْبَر بكتفِهِ، وأُطْلاق سِلاحٍ جديدٍ هو المَجَانِيةُ (القوس المُشْدود)، التي استخدمَها سَفْوان بن أُمَية رضي الله عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى