حسن الإسكندراني.. أمير البحار الذي عشق البحر ومات غريقاً
أسماء صبحي
أمير البحار ووزير بحرية، محمد على باشا، حسن الإسكندراني، والذي بفضله احتل الأسطول المصري مقدمة أساطيل العالم بعد أسطولى إنجلترا وفرنسا. اسمه الحقيقي زكريا حسن، مصري من أصل شركسي ولد فس عام 1790، بأنجاسيا على مقربة من البحر الأسود. فى عام 1800 أرسله والده لمصر ليتعلم بأزهرها و هو لم يتجاوز العاشره من عمره.
توغى والده اثناء تأديته لفريضه الحج وهو في طريقه من مكة إلى المدينة، فتولى أمر زكريا ورعايته صديق والده، وعمل معه في صناعة الأسلحة.
لقاء محمد علي باشا
صاحب زكريا صديق والده لمقابلة محمد على باشا في قصر الأزبكية، حيث كلفه الباشا بصناعة كمية من الأسلحة. وما كاد نظر الوالي يقع على زكريا حتى أعجبته فيه جرأته وأعماله فشمله بعطفه واستخدمه في ديوانه. فترك زكريا إسمه الأصلي وفضل أن يطلق على نفسة إسم أبية حسن وتبعه بالإسكندراني.
التحق حسن بالجيش بسلاح المشاة، وبعد سنوات أوفده محمد علي في بعثة إلي فرنسا لدراسة علوم البحر. وعلى إثر تخرجه من الكلية البحرية بطولون، قام بثلاث رحلات علمية علي سفن فرنسية. فزار بلاد البرازيل وأمريكا الجنوبية وبلاد النرويج والسويد، ثم عاد الاسكندراني إلى مصر وهو في الخامسة والثلاثين من عمره
دخول حسن الاسكندراني الأسطول المصري
عُين حسن الإسكندراني برتبه ملازم بحري، وأسندت إليه قيادة احدي السفن، في الاسطول المصري. وعندما ثار أهل اليونان ضد الدوله العثمانية مطالبين بالاستقلال، قام الريس زكريا بقيادة بعض السفن التي كانت تقوم بحراسة سفن ناقلات الجنود والذخائر إلى المورة لإخماد ثورة اليونانيين.
اشتبك زكريا مع بعض السفن اليونانية فأغرق منها سفينه وأسر سفينتين على مقربة من كريت، واقتادهما إلى الإسكندرية. فأهدى إلية الوالي محمد على بيتا بحي أبو وردة “رأس التين”، وأهداه ساعة من الذهب وشالا من الكشمير. وتمت ترقيته في أوائل 1826 إلى يوزباشي “نقيب”، وعهدت إليه قيادة سفينة سريعة لإيصال المراسلات بين مصر واليونان.
فى معركة «نفارين» البحرية، وهي الموقعة التي دبرها الإنجليز بالاشتراك مع الأسطولين الفرنسى والروسي لتحطيم الأسطول المصري. كان الإسكندراني قائدًا للسفينة الحربية المصرية “أحسانية”، إحدي قطع الأسطول المصري الذى يبلغ عدد قطعه 31 سفينة.
تعرضت السفينة احسانية لضربات متتاليه من مدافع وقنابل السفينه سيرين إحدى سفن الأعداء. فرد عليها الريس زكريا ضربا بضرب حتى وقعت قنبلة بجانبه فألقته في البحر مغشياً عليه لولا يقظة خادمه الأمين “فرج”، الذي أنقذه من الغرق وما لبثت أن انشطرت أحسانية نصفين وغرقت.
وإذاء التهديدات والدسائس التركية ضد مصر، أرسل الباشا الجيوش المصرية برًا وبحراً. وتولى الريس زكريا قياده الفرقاطة “شير جهاد” التي أبحرت مع الأسطول المصري بقيادة عثمان نور الدين باشا وزير البحرية. واشترك في دك حصن عكا والقضاء على واليها عبدالله الجزار الموالي لتركيا. ثم اتجه إلى جزر الأرخبيل وقضى على أعمال القرصنه، وعاد معظم الأسطول المصري إلى الإسكندرية وبقيت وحدات خفيفية لمراقبة تحركات الأتراك.
لقب أمير البحار
تم منح حسن الإسكندراني لقب “أمير البحار” مكافئة له، كما زوجه محمد على باشا من إحدى فتيات القصر. وظل حسن الإسكندراني يتقلد سفينة بعد الأخري حتى عينه محمد علي 1833 قائدًا ثانيًا للأسطول المصري. متوليا الاشراف على الترسانة وأحواض بناء السفن، كما قام بإرسال عددًا من العمال والمهندسين وصف الضباط من المصريين في بعثات إلى موانئ فرنسا لتعلم بناء السفن، ليستبدلهم بالاجانب.
وفي مايو 1837 عُين حسن الاسكندراني وزيرًا للبحرية، وأنعم علية محمد على برتبة الباشاوية. وفي نوفمبر 1838 كان الأسطول المصرى بفضل أمير البحار حسن الإسكندراني في مقدمة أساطيل العالم بعد أسطولي إنجلترا وفرنسا.
بعد هزيمة الأسطول العثماني في موقعة نزيب. قام أمير البحار حسن الإسكندراني، بتحصين الشاطئ المصري من دمياط إلى الإسكندرية. وعمل خطوط للدفاع بين أبو قير ورشيد، وتنظيم نظام الدوريات الاستطلاع والإشارات والإستعلامات.
وفاة حسن الإسكندراني
وعندما اعتلى عباس الأول عرش مصر، لم يكن الجيش موضع عنايته. فانقص عدد الجيش وأغلق المصانع والمدارس، ورأى التخلص من أمير البحار حسن الإسكندراني وبعض كبار القادة. خوفًا من شعبيتهم وثقة الجيش بهم ولو بالتآمر على اغتيالهم، ولهذا بادر حسن الإسكندرانى إلى طلب الإحالة للمعاش وترك الخدمة.
طلبت تركيا من عباس الأول مساعدتها في حربها ضد روسيا في حرب القرم. فرفض جنود البحرية المصرية التحرك بدون قائدهم حسن الإسكندراني، واضطر عباس إلى استدعائه للاشتراك في هذة الحملة. ووافق الإسكندراني وعمل على ترميم الأسطول وإعداده وجمع الضباط والجنود، للاشتراك فى الحرب. التي تكبد فيها الإنجليز والفرنسيون خسائر فادحة، وعانى المصريون الشدائد والأهوال من شدة البرد القارس، ولقى الكثير منهم حتفهم.
فى 31 أكتوبر 1854، وأثناء عودة حسن باشا الإسكندرانى على رأس أسطولة إلى الأستانه لترميم بعض السفن. هبت عليه رياح عاصفة بالبحر الأسود، وتكاثر عليها الضباب، وتم حملها إلى منطقة الأمواج الخطرة. ما أدى إلى إرتطام السفينة “مفتاح جهاد” المتواجد عليها قائد الجيش البحري حسن الإسكندراني، والفرقاطة “البحيرة” المتواجد على ظهرها القائد محمد شنن، صديق الإسكندراني. بصخور البحر الأسود، وخلال ساعة واحدة، غرق الصديقان، ومثلما التحقوا بالبحرية معًا، غادروا أيضًا الحياة معاً.