ايزابيلا دي سوليس.. كيف غيرت امرأة وجه التاريخ في غرناطة؟
دعاء رحيل
ايزابيلا دي سوليس هي امرأة عاشت في القرن الخامس عشر الميلادي، وكانت شاهدة على تاريخ مملكة غرناطة الأخيرة، ولعبت دورا مهما في الصراعات السياسية والدينية التي شهدتها المنطقة. تحولت من كونها جارية مسلمة إلى كونها أميرة نصرانية، ومن ثم إلى كونها نبيلة قشتالية. هذه هي قصة حياتها ومصيرها.
من هي ايزابيلا دي سوليس؟
ولدت ايزابيلا دي سوليس في قشتالة، وكانت ابنة النبيل سانشو خيمينيز دي سوليس. كانت طفلة مشاغبة وثائرة، ولم تطع أوامر والدها الذي أراد أن تدخل الدير. في إحدى المرات، هربت من المنزل وذهبت إلى كنيسة للاحتماء من الغارات الإسلامية التي كانت تحدث بين الحين والآخر. لكنها لم تكن محظوظة، فقد اقتحم المغاربة الكنيسة وأخذوها أسيرة مع غيرها من النساء والأطفال.
أُحضِرَت ايزابيلا إلى غرناطة، عاصمة المملكة الإسلامية الأخيرة في شبه الجزيرة الإيبيرية. هناك، بُعِت كجارية للسلطان أبو الحسن علي بن سعد، المعروف باسم الملك الزغل. كان أبو الحسن علي رجلا شجاعا وقويا، لكنه كان متزوجا من امرأة صارمة وقاسية، هي عائشة الحرة، ابنة الملك محمد التاسع. كان لعائشة نفوذ كبير على زوجها وعلى شؤون المملكة، وكانت تحارب بشراسة ضد قشتالة التي كانت تهدد استقلال غرناطة.
في قصر الحمراء، التقى أبو الحسن علي بالجارية ايزابيلا، التي كانت جميلة وبريئة. وقع في حبها من أول نظرة، وأراد أن يتزوجها. لكن لكي يفعل ذلك، كان عليه أولا أن يطلق زوجته عائشة، وأن يجعل ابنه بوعبد الله محمد (الذي يُعَرَّف باسم بو جان) خلفًا له على حساب ابن عائشة بو عبد الله محمد (الذي يُعَرَّف باسم بو عبد الله). ففعل ذلك أبو الحسن علي، رغم اعتراضات رجال دولته وزعمائها الدينيين. طرد عائشة وابنها من القصر، وتزوج ايزابيلا، التي اعتنقت الإسلام وأخذت اسم ثريا أو الزوراء.
تاريخ ايزابيلا دي سوليس
كانت ثريا محبوبة من قبل زوجها، الذي أهداها كل ما تشتهيه. كانت ترتدي أجمل الثياب والحلي، وتسكن في أروع الغرف والحدائق. كان لها ولدان مع السلطان، هما نصر وسعيد. كانت ثريا ذكية وماهرة، وكان لها تأثير على قرارات زوجها. لكنها كانت أيضا طموحة ومخادعة، وأرادت أن تؤمن مستقبل أبنائها على حساب أبناء عائشة. فأقنعت زوجها بأن يحارب قشتالة بدلا من دفع الجزية لها، وأن يقلل من احترامه لابنه بو جان، الذي كان يحظى بشعبية كبيرة بين أهل غرناطة.
لم تكن سياسة ثريا ناجحة، بل كانت سببًا في تفكك مملكة غرناطة. فقد استغل الملك فرديناند والملكة إيزابيلا من قشتالة الضعف الذي أصاب غرناطة، وشنوا حملة عسكرية على المملكة الإسلامية. في الوقت نفسه، نشبت حرب أهلية في غرناطة بين أنصار أبو الحسن علي وأنصار ابنه بو جان. استطاع بو جان، بمساعدة عائشة وأحد أمراء الحرب المغاربة، أن يطرد والده من القصر، وأن يستولي على العرش. أُسِرَت ثريا وأبناؤها من قبل فصيل عائشة، وسُمِح لهم بالعيش في إشبيلية بشرط أن يتخلى أبو الحسن علي عن المقاومة.
فعل ذلك أبو الحسن علي، الذي توفي بعد فترة قصيرة من المرض. بعد وفاته، تحولت ثريا وأبناؤها إلى الكاثوليكية، واتخذوا أسماء خوان دي غرناطة وفيرديناند دي غرناطة. حصلوا على مزارع وأملاك في قشتالة، كجزء من اتفاقية سلام سُمِّحَت به لغرناطة. لم يُذْكَروْا في التاريخ بعد ذلك.