فنون و ادب

توفيق الحكيم و عبدالحليم حافظ

كانت وفاة اسماعيل توفيق الحكيم المأساوية وهو شاب في اكتوبر سنة 1978 دافع لوالده انه يكتب مقالات وخطابات اشبه بالاعترافات ومراجعات النفس تم جمعها لاحقا ونشرها كمذكرات شخصية للحكيم ..

ومن ضمن مراجعات النفس دي كان مقال كتبه الحكيم عن موقف ندم عليه مع عبد الحليم حافظ في بداياته ووصفه بالقسوة وتمنى لو لم يحدث ..

ده مقال توفيق الحكيم ..

لم أر عبد الحليم حافظ الا مرة واحدة فقط ، ففى يوم من الايام دعانى الصديق الصحفى كامل الشناوى وجماعة من الاصدقاء الصحفيين والفنانينعلى العشاء فى أحد المطاعم ، وقد أخذونى فى سيارتهم من بيتى وأعادونى الى بيتى بعد العشاء .

وكل ما أعرفه هو أنى مدعو على العشاء. هناك اثناء العشاء دخل علينا شاب نحيل يحمل عوده وجعل يغنى وهم يصغون اليه فى اعجاب واهتمام ، أما أنا فكنت مشغول عنهم وعن مطربهم بالنظر الى مائدة الطعام وما عليها من أصناف وألوان ، الى أن جاء موعد الاكل فقمنا وأكلنا ، وعدنا ليعود الشاب الى الغناءوهو ينظر جهتى ، وقد كبس النوم على عينى الى ان غلبنى النعاس فطلبت منهم ان يعيدونى الى بيتى لأنام .

وفى اليوم التالى قابلنى زميلى كامل الشناوى وقال لى : حرام عليك كسرت بنفس الولد ليه ، فسألته :أى ولد ؟ فأجابنى :انه المطرب الشاب الذى جاء فرحا ليسمع منك كلمة تشجيع ، هنا أسفت وحزنت وقلت له : لماذا لم تقل لى ذلك من الاول ؟لقد فهمت أن المسألة مجرد دعوة على العشاء .قال الشناوى :انهم أرادوا جعلها مفاجأة .

صرت بعد ذلك أتتبع غناءه فى الراديو ووجدت فى صوته شيئا او نسيجا يشبه القطيفة، فهو ليس مجرد نعومة كالحرير بل فيه من نعومته متانة القطيفة ،وكنت كلما سمعته فى الراديو او التليفزيون أقول فى نفسى هذا هو صاحب الصوت القطيفة .

ثم راقبته بعد ذلك وهو يغنى فوجدت أن صوته لايخرج من فمه كأغلب المطربين ،لكنه يصعد مباشرة من أعماق قلبه ، ولذلك صوت هذا المطرب لايملأ الاذن لكنه يملأ القلوب ..الا قلبى فى تلك الليلة التى غنى فيها ليسمع رأيى ..فكبس على عينى النوم .

لقد كنت قاسيا عليه كما قسوت على المرحوم ابنى اسماعيل الذى كان يعرف أنى لم أكن أحب موسيقاه ، وذهب الاثنان الى العالم الاخر ولم يسمعا منى الكلمة التى انتظرا أن أقولها لهما ..ورحمة الله عليهما .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى