صفية: السلطانة التي حكمت القصر والدولة بيد من حديد

دعاء رحيل
السلطانة صفية هي واحدة من أشهر النساء في التاريخ العثماني، فقد كانت زوجة السلطان مراد الثالث ووالدة السلطان محمد الثالث، ولها دور بارز في الشؤون السياسية والاجتماعية والثقافية في عصرها. في هذا المقال، سأحاول تقديم لمحة عن حياتها وإنجازاتها وتأثيرها على الدولة العثمانية.
نشأتها ودخولها القصر
ولدت السلطانة صفية في عام 1550م في جزيرة كورفو التي كانت تابعة لجمهورية البندقية، واسمها الأصلي صوفيا بيلوجي بافو، وكانت ابنة ليوناردو بافو، حاكم البندقية في كورفو. تلقت تعليماً جيداً وتعلمت اللغات الإيطالية والإغريقية واللاتينية.
في عام 1565م، خطفها قراصنة عثمانيون أثناء رحلة بحرية مع عائلتها، وبيعت في سوق الرقيق في إسطنبول. دخلت حرم الأمير مراد، ولي عهد السلطان سليم الثاني، كجارية. تغير اسمها من صوفيا إلى صفية، وأسلمت وتعلمت اللغة التركية.
زواجها من مراد الثالث
أعجب مراد بجمال صفية وذكائها، وأحبها كثيراً. أعطاها لقب خاسكي سلطان (زوجة الملك)، وجعلها سيدة نساء القصر. أنجبت منه سبعة أولاد، من بينهم محمد الذالث، الذي خلف أباه في الحكم.
كانت صفية لها نفوذ كبير على زوجها، فكان يستشيرها في أمور الدولة والحرب والسلام. كانت تتابع الأخبار الدولية بشغف، وتراسل بعض الحكام والسفراء. كان لها دور في تحسين العلاقات مع جمهورية البندقية، التي كانت تخوض حروباً مع الدولة العثمانية.
فترة حكم ابنها محمد الثالث
عندما توفي مراد في عام 1595م، خلفه ابنه محمد، الذي قام بخنق إخوته التسعة عشر لضمان استقرار حكمه. صفية كانت حزينة لفقدان زوجها وأولادها، لكنها دعمت ابنها وأصبحت السلطانة الأم.
كانت صفية تحكم القصر بيد من حديد، وتتدخل في شؤون الدولة بشكل مباشر. وكانت تمارس الرقابة على الخطباء والعلماء والشعراء، وتعاقب من ينتقدونها أو يخالفونها. كانت تهتم بالفنون والعمارة، فأنشأت مسجد الجامع الجديد في إسطنبول، وأسست مدارس ومستشفيات وحمامات.
نهاية حياتها
في عام 1603م، توفي محمد الثالث، وخلفه ابنه أحمد الأول. صفية خرجت من القصر، وعاشت في قصرها الخاص في منطقة أسكودار. توفيت في عام 1619م، ودُفِنَت بجوار زوجها في مسجد آيا صوفيا.
خلاصة
السلطانة صفية هي امرأة استثنائية، فقد ارتقت من مجرد جارية إلى زوجة سلطان ووالدة سلطان. لها إنجازات عظيمة في السياسة والثقافة والخيرات. لها تأثير كبير على التاريخ العثماني، وعلى العالم الإسلامي بشكل عام.