احمد الشريف يكتب:الانتصار في معركة الفساد هو الأصعب حتى في الدول المتقدمة
احمد الشريف يكتب:الانتصار في معركة الفساد هو الأصعب حتى في الدول المتقدمة
تظل معركة التصدي للفساد في أي دولة من الدول لاسيما الدول النامية هي المعركة الأصعب والانتصار فيها لا يتحقق بسهولة ما لم تتوافر إرادة فوقية قوية من هرم السلطة ودعم شعبي غير محدود
لأن منظومة الفساد تستخدم أساليب مثل الهواء يحس ولا يرى وقد سبق لي أن تناولت هذا الموضوع الخطير قبل أكثر من عشرين عاماً في مقال تحت عنوان التصدي للفساد وتم اعتماده كافتتاحية لصحيفة “26سبتمبر” آنذاك مع إدخال بعض الإضافات عليه ولم أعد أذكر رقم العدد وتاريخ النشر بالتحديد ولكني مازلت أحتفظ بنسخة من المقال وعندما أعدت قراءته وجدت أنه يحاكي واقع اليوم مما يؤكد أن الفساد في بلدنا اليمن وممارسته قد أصبح بمثابة ثقافة ترسخت جذورها في رؤوس من لا ضمير لهم من المسؤولين والمواطنين على حد سواء مُنذ عدة عقود وليست وليدة الأمس القريب أو نتيجة للوضع الاستثنائي الذي يعيشه الشعب اليمني الصابر وقد تحدث عنها قائد الثورة الشعبية أبو جبريل في أكثر من محاضرة متطرقاً إلى مخاطرها ومحذراً من تفشيها وفي نفس الوقت مطالباً الدولة ممثلة في الحكومة وأجهزتها المختصة العمل على اجتثاث الفساد من جذوره ومحاصرته نهائيا، ولكن مع الأسف طرفا الفساد ينفران من تطبيق النظام والقانون حتى لا يشكل ذلك عائقاً أمام ممارساتهما الخاطئة ونتيجة لذلك أصبح مفهوم بناء الدولة لديهما يتمثل في كم ستنهب من المال العام وكم ستوظف من الأقارب والأصحاب.
من المعروف أن الفساد أينما وجدت أوكاره وكيفما ابتكرت أساليبه وطرائقه فإنه يمثل تهديداً حقيقياً وتردياً معيشياً واجتماعياً واقتصادياً في حياة المجتمعات عامة وأن الفساد هذه الآفة الخطيرة المدمرة للشعوب والأوطان تنمو وتترعرع وتعشعش أوكارها ومواقعها غالباً في البلدان النامية التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة ويكون جهاز دولتها الإداري ضعيفاً وإن كانت تبذل جهوداً للقضاء عليه ووضع حد للمافيا التي تقف وراءه وتوظفه لصالحها ضاربة عرض الحائط بما يمكن أن يترتب على ذلك من مساوئ وسلبيات جمة لا تمت بصلة إلى المصالح العليا للوطن والشعب ومكامن الفساد ومصادره تمارس أشكالا وأساليب في الالتفاف والتحايل على أكثر من اتجاه وصعيد ومن ذلك على سبيل المثال ما كان يحدث في بلادنا سابقا وقبل رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية الذي كان يذهب إلى جيوب قلة قليلة في حين يُحرم منه المواطن ذي الدخل المحدود الذي هو المستهدف أصلا من ذلك الدعم ونفس الشيء يحدث اليوم في ظل العدوان الظالم والجائر على بلدنا اليمن والذي مضى عليه ما يقارب تسعة أعوام وهو يزداد تصعيداً من قبل دول تحالف العدوان حيث يقوم من تعودوا على ممارسة الفساد بالتلاعب بمساعدات المنظمات الدولية وحرمان مستحقيها منها وبيعها عيانا وجهارا نهاراً للتجار ومن الواضح أيضا بأن هناك عناصر محدودة هي المستفيدة من خلال جعلها مادة المشتقات النفطية وخاصة الديزل سلعة للتهريب مستغلة فارق السعر واحتجاز تحالف العدوان للسفن المحملة بهذه المشتقات حتى بعد الإفراج عنها على استحياء والسماح لها بالدخول إلى ميناء الحديدة وإزاء ما مثلته وتمثله أوكار الفساد والإفساد وما تمارسه من العبثية والفوضى في القطاعات المختلفة للجهاز الإداري للدولة ويكون ضحية ممارساتها العبثية المواطن بل ولن تعود سوى بالأضرار البالغة على الوطن وخزانة الدولة لذا فإن خوض معركة القضاء على مافيا الفساد التي تعبث بخيرات الوطن وتستغل كل محاولة من محاولات الإصلاح التي تقوم بها الدولة استغلالاً لا يخدم سوى مصالحها الذاتية والضيقة الأفق وهو ما يجعلنا نقول إن كل وراء فاسد ظهر يحميه وعليه فإن معركة القضاء على مافيا الفساد تتطلب مواجهة حاسمة ورادعة ومحاربتها أو مكافحتها كونها رديفة للتخريب وتخدم تحالف العدوان ليجعل منها مادة في إعلامه تسيء إلى اليمن وشعبه بل وتستدعي هذه الظاهرة الضرورة القصوى الوقوف أمامها بكل حزم من قبل الجميع سلطة وأحزاباً وأفراداً دون هوادة أو مواربة، مثلما ينبغي على وسائل الإعلام المختلفة إيضاح الحقائق للناس عن أوكار الفساد والتصدي لها بكل شجاعة بالكلمة الصادقة التي تضع المواطن أمام حقيقة الإدراك الواقعي للأعباء التي تتحملها الدولة خاصة في ظل العدوان جراء ممارسة العناصر الفاسدة والتي إن استمرت في ممارسة فسادها فلن تزداد هذه الظاهرة إلا استفحالا وفوق ما يتصوره العقل.
كما أن وسائل الإعلام أيضا معنية في سياق الاتجاه الوطني العام الهادف إلى بناء ونماء وطن اليمن الجديد ومواجهة تحالف العدوان أن تستشعر المسؤولية الوطنية التي تترجم الكلمة الهادفة إلى كل ما يسمو برفعة اليمن وتقدمه وانتصاره على أعدائه لا سيما التاريخيين منهم وحشد رأي عام مؤيد ومطالب للأجهزة المختصة القيام بواجبها للقضاء على الفساد ومحاسبة الفاسدين، بقي أن نقول إنه إذا ما توافرت إرادة سياسية جادة فإنها بلا شك ستمثل إرادة الشعب الحقيقية في بناء الدولة الوطنية الحديثة دولة النظام والقانون وستكون في نفس الوقت قادرة على استيعاب معطيات واقع الشعب وكذا وعي وإدراك أبنائه وتمثل دون شك مرتكزات أساسية للانتصار في معركتي مواجهة العدوان والقضاء على الفساد في آن واحد.