دير رئيس الشهداء أبو سفيان..وعلاقته بـ الأنبا بيسنتاؤس
دير رئيس الشهداء أبو سفيان هو دير قبطي أرثوذكسي يقع في محافظة قنا، غرب مدينة نقادة. يعود تاريخ الدير إلى القرن الثامن الميلادي، وهو مرتبط بالأنبا بيسنتي، أسقف قفط، الذي دفن في هذا المكان وأصبح مزاراً للأقباط يحتوي الدير على جسد الشهيد أبو سفيان، وهو أحد الشهداء الذين استشهدوا في عهد الملك دقلديانوس. يزور الدير كثير من المسيحيين في شم النسيم وغيره من المناسبات.
الأنبا بيسنتي هو أحد آباء الكنيسة القبطية، ولد في قرية نجع حمادي بمحافظة قنا في أوائل القرن الثامن الميلادي. تعلم الكتابة والحساب واللغات، وأصبح كاتباً للمحافظ. تزوج وأنجب ثلاثة أولاد، لكنه فقد زوجته وأولاده في حادث نار. فأصابته حزن شديد، وقرر التخلي عن كل شيء والتجول في الصحراء. التقى بالأنبا يوحنا القصير، رئيس دير سانت كاترين بجبل سيناء، وأعجب به وطلب منه أن يصير راهباً تحت إشرافه. فقبل به الأنبا يوحنا، وأطلق عليه اسم بيسنتي، وهو اسم يوناني يعني \”المختار\”. درس الأنبا بيسنتي الكتاب المقدس واللاهوت والتاريخ والفلسفة، وأصبح رجلاً عالماً وزاهداً. تولى رئاسة دير سانت كاترين بعد وفاة الأنبا يوحنا، وكان محبوباً من قبل الرهبان والزائرين. اختاره البابا مرقوريوس الثاني (767-776 م) ليكون أسقفاً على إيبارشية قفط، التي كانت تضم محافظات قنا وأسوان والأقصر. قام الأنبا بيسنتي بإصلاحات كثيرة في إبرشيته، وزاد من عدد الكهنة والكنائس والأديرة. كما شارك في مجامع كنسية مهمة، مثل مجمع نقادة (768 م)، الذي ناقش قضية زواج المطلقات من رجال آخرين.
حياة الأنبا بيسنتاؤس
وفي هذا الصدد قالت دميانة مينا الباحثة في التراث القبطي، عندما اتبع الأنبا بيسنتاؤس نمط الحياة الرهبانية، كان ملتزمًا بالجهاد الروحي وكان يركز على الصلاة المستمرة وحفظ الكتاب المقدس مع الصوم. كان يتناول الطعام مرة واحدة كل يومين أو ثلاثة أيام، وأحيانًا كان يصوم لمدة أسبوع كامل. رأى أحد الإخوة وهو يقف حافي القدمين على الجبل في حرارة شديدة وهو يتلو المزامير والعرق يتدفق من جسده. عندما أثنى عليه بسبب جهاده، أجاب بأن هذا العمل لا يعتبر شيئًا. ثم تحدث معه عن الجهاد ضد ثلاثة شياطين: الأول هو شيطان الزنا الذي يشعل الشهوة في القلب، والثاني يغطي على عيني الإنسان فلا يدرك ما ارتكبه من خطأ ولا يعير اهتمامًا للخطية، والثالث يجعله ينسى ذكر الله ووجوده وعظمته. لذلك، يجب على المؤمن أن يطلب من الله الخلاص من هؤلاء بقوة صليبه المقدس (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ).
كان يستمتع بالقراءة في كلا العهدين. قيل إن أحدهم رأى من خلال نافذة وهو يقرأ في سفر الأنبياء، وكان كلما قرأ سفرًا، كان النبي حاضرًا. في نهاية كل سفر، كان النبي يأتي لتقبيله ثم يصعد إلى المكان المرتفع. رآه شخص آخر وهو يصلِّي بشكل منتصب، وكانت أصابعه تشتعل مثل المصابيح المضاءة.