“تونة الجبل”.. اكتشافات أثرية عريقة خلال بعثة «فؤاد الأول»
اكتشفت البعثة الأثرية المصرية الأسبوع الماضي بمنطقة آثار الغريفة بتونة الجبل في محافظة المنيا، مجموعة من التمائم والجعارين مختلفة الأشكال والأحجام داخل تابوت جحوتي إم حتب، وعثرت عليه البعثة داخل بئر للدفن. عاما بعد عام تتكشف أسرار تلك المنطقة التي بدأت رحلتها من التنقيب حول الآثار منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي.
بعثة جامعة فؤاد
بدأت بعثة الجامعة أبحاثها في منطقة «مير» بمركز ملوي بمحافظة المنيا، لأول مرة بعد الحرب في منتصف شهر أكتوبر عام 1946، وانتهت منها في نوفمبر 1947، وكان العمل في هذه المنطقة يتطلب مجهودا كبيرا في مكان مثل هذا، تمت فيه منذ نصف قرن حفائر سابقة من مدنيين وبعثات لم يجد لها خرائط.اكتفت البعثة الأثرية التي كان يشرف عليها الدكتور سامي جبرة، ودوّن تفاصيل البعثة في تقرير قدمه وتم نشره في مجلة كلية الآداب، التي كانت تصدر عن جامعة فاروق الأول بعنوان “حفائر جامعة فؤاد الأول بمنطقة تونة الجبل” (1946-1947)، بعمل مجسات في أعلى التل عرفت منها أنه لابد من أخذ هذه المنطقة بعناية ودقة حتى يمكن إزاحة الرمال من مدرجات الجبل التي تراكم عليها رديم الأعمال السابقة.
في هذا الصدد قال الدكتور والأثري سامي جبرة: إن الهدف من عمل المجسات في سفح الجبل التعرف على ما عثر عليه الباحثون وما لم يدخل في نطاق بحثهم، ففي الجهة المقابلة للمجسات على بعد عمق مترين أو ثلاثة أمتار عثر على بعض العاديات منها، تابوت من الخشب الملون يرجع للأسرة الثانية عشر، وقد وجد مكسورا وأعيد استعماله ووسادة من المرمر، وتمثال صغير للإله “سنحمت”، وعقد من العقيق وبعض تمائم أخرى.
وتابع سامي جبر: بعد الانتهاء من عمل المجسات بمنطقة “مير” استأنفت الجامعة أبحاثها بعد ذلك بمنطقة “تونة الجبل” بجوار معبد الإله “توت الكبير” المجاور للساقية، واستمر البحث في المنطقة الشرقية فوجدنا هناك أبنية كثيرة مصنوعة من اللبن ذات غرف صغيرة، وأقبية استعملت كمخازن لما نسميه مخازن المعابد، وقد وجدت فيها مجموعة من أواني فخارية كبيرة الحجم الحمراء المعروفة باسم “أمفورا”، وبعض قطع من العملة الفضية يرجع تاريخها إلى عهد البطالسة، وقد اكتفينا في هذا العام بكشف جزء من هذه المباني الواقعة في سفح كوم مرتفع.
حوش بتوزيريس
وانتقلت البعثة الأثرية من الجامعة إلى منطقة أخرى ثلاثون مترًا شرقًا في حوش “بتوزيريس” بعد الكشف عن رمال الكوم، فعثرت على أربعة آبار يرجع تاريخها إلى عصر متأخر ولم يجد إلا بعض التماثيل صغيرة رديئة الصنع.
وأوضح سامي جبر: انتقلت الأبحاث بعد ذلك إلى أحد السراديب، وفي إحدى طرقه الكبيرة وجدنا تماثيل عبارة عن نذور يرسلها أصحابها لحفظها في موميات الأبيس (أبومنجل) المحفوظ في قواديس من الفخار، تذكارًا لمعبود المنطقة “توت”، وهذه التماثيل من البرونز والخشب، وقد مثل الصانع منقار الطائر ورجليه في البرونز بدقة ومهارة تستحق الإعجاب. وقد سجل أصحابها أحيانًا على القواعد نقوشا ذكر فيها اسم صاحب الهبة ودعاء للإلهة “توت” لينعم على صاحبها بحياة رغدة وشيخوخة سعيدة.
والدليل الذي قدمه «جبرة» في تقريره على أن عهد تقديس الحيوانات يرجع إلى أقدم العصور، وأن المهيمنين على هذه المنطقة يدعون العلم والمعرفة، تارة تعثر البعثة على بعض قطع أثرية داخل قواديس يرجع تاريخها إلى عهد “أمنوفيس الثالث” وتارة على بردية قيمة كوثيقة الأوراق الفضائية التي عثرت عليها البعثة منذ خمس سنوات والخطابات الآرامية التي عثرنا عليها منذ عامين.