المزيد

“رقصة التنورة” عالم من الصفاء الروحي يجمع بين الفن والخشوع

فن التنورة هو عبارة عن رقصات دائرية صوفية، علي أنغام قصائد الفيلسوف والشاعر التركي الصوفي جلال الدين الرومي، حيث تأخذ المشاهد إلى عالم من الصفاء الروحي، تجعلك تحس وكأنك تطهر نفسك من الهموم والذنوب، هذا كل ما سيراه عشاق هذا الفن في مصر، حتى الأطفال ستجدهم يتراقصون ويلتفون بتلك الحركات الروحانية، منسجمين في عالم من الخشوع.

ظهور فن التنورة

“فن التنورة”.. لم يكن مجرد رقصة صوفية، أو حتي فن فولكلوري، فقد تحولت  عل مدار سبعة قرون مضت، منذ أن ظهرت في مطلع القرن الثالث عشر الميلادي، علي مولانا ابن الرومي، إلي تقليد احتفالي، دائما ما يأتي متبوعا بإيقاعات الذكر والمديح والمواويل الشعبية، ابتكرها جلال الدين الرومي ليحيي بها ليالي الذكر في التكية التي أسسها لاستقبال الفقراء والغرباء وعابري السبيل والدراويش.

 

وفي هذا السياق قال نور الدين كمال خبير في التراث، كان الذكر في تكية ابن الرومي يبدأ بعمل حلقة لا تقل عن 40 درويش، تختلف ألوان ملابسهم، هناك الأخضر والأحمر والأسود والأبيض، والحقيقة أن الباحثون لا يعلمون أسباب اختلاف هذه الألوان، يبدأ الدراويش بترديد لفظ الجلالة، مع كل هتاب بإسم الله ينحنون برؤوسهم وأجسادهم ويخطون في اتجاه اليمين، فتلف الحلقة كلها بسرعة، ثم يتجه أحدهم إلى وسط الحلقة ويلف حول نفسه بسرعة وهو فارد ذراعيه، فتنتشر تنورته على شكل مظلة أو شمسية، ثم ينحني أمام شيخه الذي يجلس داخل الحلقة، ويعود للذكر مع باقي الدراويش.

بداية فن التنورة

كما نوه الخبير في التراث، في بداية الدولة الفاطمية، استطاع الفنان المصري أن يبني من رقص الدراويش فنا استعراضيا يحمل الصورة المصرية المتكاملة، فأدخل فيه الآلات الشعبية كالربابة والمزمار والصاجات والدفوف، أما الفانوس فيعتبر الأصعب في هذه الاستعراضات، ولا يقوم بها إلا الراقص الذي يتميز بمهارة حركية كبيرة، وتركيز أكبر، فعلي الراقص أن يتجاهل جمهوره ويشغل كل تركيزه على الفانوس حتى لا يسقط من يده، كل هذه الإضافات أدخلها الفنان المصري ليخرج من ملل الرقص الصوفي الرتيب، ويجذب الناس إليه أكثر.

 

فيما أوضح الخبير في التراث تعتبر التنورة رقصة إيقاعية جماعية، تحكمها ضوابط فلسفية صوفية، فراقصيها يرون أن الحركة في الكون تبدأ من نقطة وتنتهي عند نفس النقطة، ولذلك يقومون بحركات دائرية، رغبة منهم في بلوغ مرحلة سامية من الصفاء الروحي، لاعتقادهم أن حركة الدوران أمر إلهي، وهذا يظهر في دوران الذرة والأجرام السماوية والشمس، أيضا يظهر في حركة الطواف حول الكعبة، فالروح تسمو بعد إجهاد الجسد.

 

واختتم الخبير في التراث حديثه قائلا: “اللفيف”.. هكذا يطلقون على راقص التنورة، فهو يرتدي تنورتين أو ثلاثة، يصل وزن الواحدة منها 8 كيلوجرام، ويبلغ قطرها 7 أمتار، وعرضها حوالي متر، كما يرتدي حزاما على نصفه الأعلي يسمى “السبته”، هذا الحزام يجعله قادرا على شد ظهره وهو يدور حاملا كل هذا الحمل، بينما يتسع الجلباب من الأسفل ليعطي الشكل الدائري.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى