«المفروكة والتقذير»..أهم طقوس «الجلامة» في التراث البدوي
من المعروف أن موسم جز الصوف، الذي يطلق عليه أهل البادية موسم “الجلامة” يبدأ في منتصف أبريل من كل سنة، ويعتبر هذا الموسم عند البادية بمثابة إحياء لحفل تراثي يلقى فيه الشعر وتطبخ فيه الأكلات البدوية، ويجتمع الأصدقاء والجيران.. لذا توجهنا إلى صحراء جنوب الضبعة، للتعرف على عادات موسم “الجلامة”.
وفي هذا السياق نوه مازن الشافعي، مواطن، إنه في صباح يوم “الجلامة” يبدأ صاحب الغنم ببناء الخيمة البدوية التي يستظلون بها، ويدعي جيرانه وأقاربه وأصدقائه ليساعده بعضهم في إعداد الطعام، ومنهم من يقوم بإمساك الماشية وتكتيفها للجلام، ومنهم من يقوم بالجلامة، مضيفا أن هذه المساعدة يطلق عليها “الرغاطة”، لكن في السنوات الأخيرة ومع ظهور التجار بدأت “الجلامة” بمقابل مادي قدره في المتوسط 5 جنيهات للرأس الواحدة.
وأوضح الشافعي، يمنع صاحب الغنم ماشيته من تناول الماء ليلة “المجلم”، ويقوم بتحضير أدوات الجلامة، التي تتألف من مقص والميلق وتستعمل لفي سَنَّ المقص، و”الكتافا” وهي الحبل الذي تربط به أرجل الماشية، والحماميد وهي التي يجمع فيها “الصوف” وتصنع من أجولة الشعير.
التقذير والمفروكة
وقال الشافعي: يبدأ صاحب الماشية بتحضير سياج دائري أو مربع يسمى “الزربي”، مصنوع من الأسلاك، ويدخل ماشيته فيه، ويوجد يبني الخيمة داخل الزربي، التي يستظل بها الجلام من حر الشمس، ومع بداية العمل في الجلامة يقوم أحد الجيران أو صاحب المجلم بعمل المفروكة، وهي خبز وتمر وزبدة بلدي يوضع في وعاء ويمزج التمر بالخبز كالسلطة ويتناولها الجميع مع تناول اللبن المخضوض، وهنا يبدأ الجلامة “بالتقذير”، وهو إلقاء الشِعر مع جر كلماته بصوت فية غنَّة، وأثناء ذلك يقوم صاحب المجلم بعزل واحدة من الماشية ويذبحها ليتناولون منها وجبة الغداء.
وفي سياق متصل قال ناجي الحدب، بدوي، أن موسم “الجلامة” يكون في انتظاره الصغير قبل الكبير في مجتمعنا البدوي، كما أنه إحياء للتراث البدوي القديم، سواء في المفروكة باللبن أو طريقة طبخ الأرز واللحم، منوها بأن هذه المناسبة تقتصر على الرجال فقط.
طرب الشتاوة
ونوه الحدب أن من أبرز طقوس المجلم إلقاء الشعر(التقذير)، وغالبًا ما يبدأ بـ”يارحام نريد طعام”، وتقال عندما يتأخر الفطار “الضحوية”، وفي حال سكوت الجلامة خلال العمل، وقد يبدأ بعضهم بـ”اطري الضان”، أي يأمرهم بأن لا يكفوا عن إلقاء الشعر، وقد يقول مثلا: “الضان والجلم والبيت نهار املاقاهن طرب” ويعني أن الماشية أو الغنم والماكينة المستعملة في جز الصوف والخيمة عند وجودهم في وقت واحد يكون الطرب، كما يقوم البعض باستخدام “الشتاوة”، وهي أشعار يستخدمون فيها التصفيق باليد بعد العمل المتواصل، الذي يؤثر على قبضة اليد التي تمسك الماكينة أو الجلم معتبرين التصفيق علاجًا لذلك.
وعلى صعيد آخر أكد يسري الصنقري إن المجلم يأخذ قطعة من صوف أول شاه يجزها، وينقعها في الماء لتخرج منها المادة الدهنية، التي يطلق عليها أهل البادية “الوذح”، ويغطس “الجلم” ماكينته فيها بعد الانتهاء من كل ماشية، وتزين صغار الماشية والكباش بقطعة دائرية أو قطعتين منه على الظهر، موضحا أن الشاه التي تصيبها الماكينة بجروح يوضع عليها بعض من رماد الفحم مكان الجرح كعلاج سريع لها.