أهم الاخبارالمزيدحوارات و تقاريرعادات و تقاليد
أخر الأخبار

«نار الحطب» في سيناء.. عبق الماضي يفوح خلال ليالي الشتاء

«الكانون» وسيلة تراثية لمواجهة الشتاء

سيناء – تقرير: محمود الشوربجي

يحظى الزوار وضيوف المجالس بكرم الضيافة وإن كان قليلًا عندما يلبون الدعوة لاستكشاف أمكنة جديدة في سيناء، فحيثما توجهوا وجدوا كنوزًا طبيعية، ودفئًا إنسانيًا وتاريخًا عريقًا في بيئات البر والبحر والجبال، وفي كل مدينة مزجت ببراعة استثنائية بين الأبنية العصرية والمناطق والأسواق التراثية التي احتفظت برونقها وأصالتها وجاذبيتها الكبيرة لمحبي التراث والتقاط الصور الفريدة للنخيل وجمال البحر والمشغولات البدوية وجلسات نار الحطب، وسط عبق الماضي بنكهة القهوة العربية الأصيلة.

يقول شعبان قنديل الفضالي الباحث في التراث السيناوي، في حديث خاص لـ «صوت القبائل العربية» أن الأجواء الباردة التي تأتي في كل عام تحتاج إلى الإستعانة بالكانون الوسيلة التراثية التي استخدمها الأهالي في سيناء ولايزالون..

كما أضاف «الفضالي» أنه في ذات الوقت يمكنك أن تعد أطيب براد شاي على نار الحطب، أيضًا يمكنك إعداد أفضل بكرج قهوة على النار. بالإضافة لكل ذلك من الممكن تدفئة بعضًا من الخبز البلدي، وإحضار قطعة جبنة براميلي بزيت زيتون من إنتاج هذا العام وقليل من الزعتر و الزيتون المخلل إنتاج هذا العام، وطبق سلطة خضراء كل هذا كفيل أن يعطيك فيتامينات طبيعية تواجه بها البرد القارص.

وأكد «الفضالي» أن هذه الوجبة في متناول الجميع وللاستمتاع أكثر بهذه الجلسة الطبيعية الأصيلة، يمكنك دعوة أقاربك وأصدقاءك أو من تحب، والجلسة الجماعية تشعرك بالدفء العائلي في ظل الأحوال الجوية الباردة.

الأربعين السيناوية

هذا وبدأت «الأربعينية» العرايشية أو الأربعين السيناوية تزامنًا مع بدء فصل الشتاء فلكيًا، يوم 21 ديسمبر الشهر الماضي، وهو الفصل المعروف عنه بانخفاض حاد في درجات الحرارة وفرص الأمطار الغزيرة والرعدية أحيانًا، لكن أهالي سيناء تستعد لقدومه بكل الوسائل المتوارثة أبرزها تخزين السلع الغذائية وتجهيز مواقد النار، وإنشاء بيت الشعر وغيرها، ولعل أبرز تراث مازال مستمرًا حتى الآن هو «الكانون» وهو تراث أصيل يتوارثه الأجيال.

وقال «الفضالي» أن من الأمثلة الشعبية في هذا الشأن قديمًا والتي كانوا يرددونها هي: «يا شمس تحرق يا مطر تغرق»، لافتًا إلى أن فترة الأربعينية تتميز بالبرد الشديد، مما تؤثر على حركة السير، وتجعل الناس يخلدون للسكينة والراحة في بيوتهم، ولا يخرجون إلا لقضاء الأعمال الضرورية.

 

كما أشار «الفضالي» إلى أن فصل الشتاء فلكيًا ينتهي في 20 مارس، وخلال هذه الفترة يستعد الأهالي في سيناء من كل عام بتخزين المؤونة والوقود من الحطب والفحم. ويستمتع أهالي سيناء بإشعال نار الكانون والإلتفاف حوله وتناول مشروبات دافئة مثل الشاي والحلبة والمرمرية والنعناع والسحلب وتناول بعض الأكلات مثل العدس والكشري وشوي البطاطا وقحمشة العيش العرايشي في جو عائلي تسوده الألفة والمحبة.

 

وتابع «الفضالي» أن أهالي سيناء يستعدون للشتاء في كل عام بالكانون، وهو موقد النار يُستخدم للتدفئة وأغراض طهي الطعام وغيره، لافتًا إلى أنه يصنع بطرق مختلفة من الحديد الصلب إما مستطيل أو دائري، وهو المعروف بـ «المنقد» في المحافظات الأخرى؛ وقديمًا كان يُصنع من الحجر أو الطين في مكان واحد وثابت، ثم تطور فأصبح يُصنع من الحديد، وهو مزود بـ4 أرجل يستند عليها، ومَمْسَكين من الجانبين لنقله من مكان إلى آخر، وفي الآونة تطورت صناعته في الشكل والحجم والمواد المستخدمة، ولا يوجد حجم ثابت أو شكل ثابت له، لكنه تراث سيناوي أصيل.

بينما أوضح «الفضالى» أن «الكانون» فى الأساس يُستخدم لتدفئة الجو والتغلب على برد الشتاء القارس، بالإضافة لتسخين بعض المشروبات والخبز وبعض المأكولات الأخرى. مشيرًا إلى أنه يستخدمه الغني والفقير، فالجميع يلتفون حوله من أجل التدفئة والسمر والقصص والمغامرات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى