كتب – عمر محمد
حافظ قبائل الجزائر عل العمامة الحجازية الصفراء، خاصة وأنهم ينحدرون من قبائل ذات أصول حجازية، فقبائل بنو هلال اصولها من الحجاز الجنوبي جبال غزوان كما ذكر ابن خلدون.
ونجد العمامة الصفراء منتشرة بكثرة في بوادي وقرى الجزائر وفي الحجاز في السعودية ( مكة والمدينة وجدة )، ويقول الشيخ أبوعبدالرحمن الظاهري: (ولا أشك إلى هذه اللحظة في أنها سنة وفي أنها معلم لزي العرب في كل الحقب)، قيل قديما :(اختصت العرب عن باقي الأمم بأربع: العمائم تيجانها، والدروع حيطانها، والسيوف سيجانها، والشعر ديوانها).
وسئل أبو الأسود الدؤلي عن العمامة فقال:
“هي جُنَّة (وقاية) في الحرب، ومكَنَّة (حافظة) من الحرّ ومِدْفأة من القُرّ (البرد) ووقار في النَّديِّ (المجلس) وواقية من الأحداث، وزيادة في القامة، وعادة من عادات العرب”.
وحسب المؤرخون كانت العمامة عند العرب في الجاهلية بمكانة التاج عند غيرهم من الأمم.. وكانت عمائمهم تختلف باختلاف أذواقهم وأحوالهم، فكان أصحاب الثأر يلبسون العمامة السوداء، ويعتمون بـ الحمراء والسوداء في الحروب، وفي زمن الأمن يجعلونها بيضاء أو خضراء، وللزينة والتباهي الصفراء وهذه الأخيرة كانت لرؤساء القبائل ( وهذه أشهر خمس ألوان عمائم لبسها العرب قديما قبل الاسلام وبعده )، حتى قال أحدهم 🙁 “الأصفر أشكل، والأحمر أجمل، والخضرة أقبل والسّواد أهول والبياض أفضل”)
وبعد الإسلام تأثر العجم بالعرب فقلدوهم في ارتداء عمائمهم، وساهمت الفتوحات الاسلامية والهجرات العربية للكثير من القبائل العربية في نشر العمامة خارج موطنها الأصلي وأحيانا كثيرة الاسلام بتحبيبه لبس العمامة البيضاء .
وكانت العمامة من لباس الرسول صلى الله عليه وثبت أنه ارتدى عدة عمائم بألوان مختلفة ( البيضاء والخضراء والسوداء ) ،( روى جابر رضي الله عنه أنّ رسول الله دخل مكة عام الفتح وعليه عمامة سوداء) وهي العمامة التي اتخذها العباسيون رمزا لهم ،
وقد عمم صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، كعلي بن أبي طالب وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما، وكان لا يولي والياً (حاكما ) إلاَّ عممه ويُرخي طرفها الأيمن نحو الأذن، وكان للرسول صلى الله عليه وسلم عمامة يسميها (السَّحاب)، وقد أهداها لعلي بن طالب، وكان أبو بكر وعمر يعتمان ويجيزان المسح على العمامة، لحديث عمرو بن أمية الضَّمري، قال: “رأيت رسول الله يمسح على عمامته وخُفيه”. رواه أحمد والبخاري وابن ماجة ، وكان عثمان أجمل الناس إذا اعتم. ولم يحدّد الإسلام للعمائم لونًا وإن كان البياض هو المحبب.
وسُئل بعضهم عن لبس الإمام الشافعي فقال: يلبس كثيرًا العمامة وكان يعتمُّ بعمامة كبيرة كأنه أعرابي. أما الإمام مالك فقيل: كان إذا اعتمَّ جعل منها تحت ذقنه وأسدل طرفها بين كتفيه.( كما يفعل عرب الصحراء في الجزائر خصوصا قبائل الشعانبة ).
وكانت للعمامة منزلة عظيمة عند العرب في الجاهلية ، حتى انهم كانوا يتباهون بالجميل منها فاشتهرت بعض العمائم و أصبحت مضرب المثل في الهيبة والجمال ، كعمامة أبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية المعروف بذي العمامة والتي أصبحت مثلاً عند العرب حيث يقولون: (أجمل من ذي العمامة).
والعمامة الصفراء كانت ومازالت من أشهر ملابس عرب الحجاز ( والقبائل العربية في الوطن العربي ذات الأصول الحجازية ، كقبائل بنو هلال في شمال افريقيا التي نشرت فيها العمامة الصفراء ) ، ومن أشهر العرب الذين تعمموا بالصفراء هو سيد بني تميم ( الزبرقان بن بدر ) كان سيداً في الجاهلية عظيم القدر في الإسلام(وقيل له الزبرقان لأنه لبس عمامة مزبرقة ( أي صفراء مصفرة بالزعفران) وسمته العرب بقمر نجد، لجماله وكان ممن يدخل مكة متعمماً لحسنه ، وهو القائل : نحن الملوك فلا حي يقـاربـنـا — فينا العلاء وفينا تنصب البـيع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن من البيان لسحرا”.
وقال علي رضي الله عنه: “جمال الرجل في عِمَّته وجمال المرأة في خُفِّها.”، والعمامة ستر للرأس من الحوادث كالحَذْف والصَّفع والضرب، وهي تستر ما يشين الرأس من شيب وصلع، قال الشاعر:
إذا ما القلاسي والعمائم أُجْلِهَت — ففيهن عن صُلع الرِّجال حُسُور
سئل الأحنف بن قيس عن علامات العز والسؤدد في العرب، فقال:
“إذا تقلَّدُوا السُّيوف، وشَدُّوا العمائم، واستجادُوا النّعال، ولم تأخذهم حَمِيَّة الجاهلية”.
ومن طريف ما يُذكر هنا أن جملة من أهل العلم صنفوا كتباً ورسائل عن العمامة ، ومنها :
أزهار الكمامة في أخبار العمامة ، في العمامة النبوية ، للمقري ، وهو أبو العباس أحمد ابن محمد المقري التلمساني الفاسي، تحفة الأمة بأحكام العمة ، أي : العمامة .. للشيخ أبي الفضل : محمد بن أحمد المعروف بابن الإمام .
التمامة في صفة العمامة، يعني النبوية ، لابن خزرج ،وهو الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الله بن إسماعيل ابن محمد بن خزرج اللخمي.
الدعامة للعامل بسنة العمامة ، لمحمد بن جعفر الكتاني .طبع بمصر
صوب الغمامة في إرسال طرف العمامة ، للشيخ الإمام كمال الدين : محمد بن أبي شريف المقدسي الشافعي ، المتوفى : سنة 905 ، خمس وتسعمائة.
كشف الغمامة عن أحكام العمامة – لابن طولون محمد الدمشقي .