حوارات و تقارير

هل تلعب بكين دور الوساطة لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟

دعاء رحيل
 
 
مازالت الأزمة الأوكرانية مستمرة طالبت بعض الدول الصين أن تضطلع بدور ريادي يضع حدا للحرب المتواصلة، حيث دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بكين لاستغلال نفوذها لوقف العملية العسكرية الروسية ضد بلاده.
 
ومن جهته أكد مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، أن الصين هي الطرف الأنسب للعب مثل هذا الدور أكثر من غيرها.
 
كما أكد في مقال له وفقا لـ موقع “ذا هيل” (The Hill) الأميركي، يرى تشوشين جو أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة باكنيل في بنسلفانيا أن هناك أسبابا وجيهة تجعل من الصين وسيطا “نزيها” في هذه الأزمة، لا سيما أنها ظلت تعاني من تشوه سمعتها دوليا في السنوات الأخيرة بسبب سياساتها المثيرة للجدل في هونغ كونغ وإقليم شينغ يانغ ودبلوماسيتها “الحاسمة.
أما من ناحية نجاح وساطتها في حل أزمة دولية من هذا القبيل -تؤكد الصحيفة- أن يعزز مكانة الصين الدولية إلى حد كبير، كما أن السلام في أوروبا سيسهم في استقرارها اقتصاديا، وقد مارست بكين مثل هذا الدور القيادي في تخفيف حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية أوائل الألفية الحالية باستضافتها المباحثات السداسية لنزع سلاح كوريا الشمالية النووي.

ضغوط كبيرة

يذكر أنه منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا دأبت الصين على ممارسة ما يسميها كاتب المقال بـ”دبلوماسية الهاتف والفيديو”، حيث طالب الرئيس شي جين بينغ ووزير خارجيته وانغ يي بوقف إطلاق النار والتوصل إلى حل دبلوماسي في محادثاتهما مع نظرائهما الدوليين. كما تبدو الصين على استعداد للتعاون مع دول أخرى للتصدي للأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
 
فيم وضعت بكين تحت ضغوط شديدة من أجل حملها على ممارسة دور الوسيط إلا أنها ما تزال مترددة في الاضطلاع بدور ريادي “بسبب معوقات رئيسية داخلية وخارجية”.
 
فالصراع أولا وقبل كل شيء -يضيف الكاتب- ليس بين روسيا والصين فحسب، بل بين روسيا والولايات المتحدة والغرب عموما. ولقد وصف الزعماء ووسائل الإعلام الغربيون الصراع الدائر بأنه بين الديمقراطية وحكم الفرد المطلق، فيما تدرج بكين من المنظور الغربي ضمن معسكر الحكم الاستبدادي المطلق.
 
كما إن الوضع “المؤسف” لعلاقات الصين مع الغرب، خاصة مع الولايات المتحدة، لا يجعلها راغبة كثيرا في الانخراط بعمق في الوقت الحالي، “فروسيا هي الدولة الصديقة الوحيدة للصين من بين القوى الكبرى في وقت تناصبها الكتلة الغربية العداء” بسبب نهضتها.
 
والأمر الثاني -وفق الكاتب- أن اللحظة الراهنة تتسم بحساسية سياسية في الصين، فمن المتوقع إعادة انتخاب شي جين بينغ لولاية ثالثة أمينا عاما للحزب الشيوعي الصيني ورئيسا للبلاد ما لم تحدث عراقيل كبيرة تحول دون ذلك.
 

دول استبدادية عملاقة

بالإضافة إلى أن الكثير من المحللين الصينيين يرون أن الأزمة الأوكرانية صنعها الأوروبيون والأميركيون ومن ثم يقع على عاتقهم حلها، وأن دعوة الصين لقيادة الوساطة ليست سوى تنصلا من المسؤولية.
 
كما أن الصين يراودها قلق كبير بشأن مستقبل تايوان، فرغم الاختلافات الواضحة بين أوكرانيا وتايوان فإن كلتا الدولتين يتم تصويرهما على أنهما في طليعة المواجهة ضد دول استبدادية عملاقة جارة.
 
ومن جهته أكد الكاتب إن قرار الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال وفد إلى تايوان بقيادة رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق مايك مولن في خضم الأزمة الحالية، يبعث برسالة قوية مفادها أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن تايبيه.
 
يذكر أن حسابات الصين الإستراتيجية لأولوياتها الدولية والمحلية تطغى على المحفزات التي تدفعها لقيادة جهود الوساطة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، مشيرا إلى أن الصين -كغيرها من القوى الأخرى- تضع مصالحها في المقام الأول.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى