درب السندادية: رمز العمارة الاسلامية في واحة الخارجة

تعتبر عائلة السندادية من أقدم العائلات التي استوطنت واحة الخارجة في محافظة الوادي الجديد بمصر. ويعود نسب هذه العائلة إلى الجد الأكبر “رميته”، الذي يعتقد أنه قدم من منطقة السند بعد الطوفان بزمن بعيد.
استقر “رميته” في الخارجة مع عائلتين أخريين هما “الخزامي” و”الإدريسي”، ليشكلوا معًا النواة الأولى لمجتمع الواحة. وتبادلت هذه العائلات الثلاث الحكم فيما بينها مع تزايد عدد سكان الواحة، مما يعكس التماسك الاجتماعي والتعاون بين هذه الأسر في تلك الفترة.
درب السندادية
يعد درب السندادية من أبرز المعالم التاريخية في مدينة الخارجة، وسمي بهذا الاسم نسبةً إلى عائلة السندادية. ويرجع تاريخ هذا الدرب إلى نهاية العصر العثماني، ويمتد بطول حوالي 500 متر. كما يتميز بتصميمه المعماري الفريد، حيث يتكون من ممرات ضيقة متعرجة مسقوفة بجريد النخيل وخشب الدوم، ومبنية بالطوب اللبن.
وساهم هذا التصميم في تهيئة بيئة داخلية ذات درجات حرارة معتدلة. مما يوفر الراحة للسكان في فصول السنة المختلفة. كما يضم الدرب عدة منازل قديمة وحجرات لحفظ الغلال وأخرى لطحنها، بالإضافة إلى أفران تقليدية مما يعكس نمط الحياة التقليدي لسكان الواحة في تلك الحقبة.
الحفاظ على التراث والتطوير الحضري
على الرغم من القيمة التاريخية الكبيرة للدرب، إلا أنه تعرض لفترات من الإهمال. ومع ذلك، تم إدراجه ضمن خطط التطوير الحضري في السنوات الأخيرة، بهدف الحفاظ على هذا التراث وتحويله إلى مزار سياحي يعكس تاريخ الواحة وثقافتها.
ويقول الباحث في تاريخ الواحات، محمود عبد ربه، إن درب السندادية يحمل حكايات شعبية قديمة وموروثات ثقافية فريدة. وهو بمثابة همزة وصل بين الماضي والحاضر. وهذا التطوير يسعى إلى إعادة إحياء المنطقة مع الحفاظ على طابعها التاريخي، لتكون وجهة للزوار والمهتمين بالتراث المصري.
بيت مصباح الواحاتي
من المعالم البارزة في الدرب هو “بيت مصباح الواحاتي”، الذي يعتبر أقدم منزل تراثي في الوادي الجديد، ويزيد عمره عن 500 عام. ويتكون المنزل من أربعة طوابق مبنية من الطوب اللبن، وتحتوي على 12 غرفة كانت تستوعب ست أسر. كما يضم البيت العديد من الأدوات التقليدية المستخدمة في الحياة اليومية، مثل “المهراس” لطحن الغلال، و”الطابونة” للخبز، بالإضافة إلى أدوات النسيج والحياكة.
وتحول هذا المنزل إلى مزار سياحي، حيث يستقبل الزوار الراغبين في التعرف على التراث المعماري والثقافي للواحة. ويؤكد منتصر مصباح، صاحب المنزل، على أهمية الحفاظ على هذا التراث. مشيرًا إلى أن “المنزل يعكس ملامح الحياة القديمة في الواحات منذ عدة قرون”.
تظل عائلة السندادية رمزًا للتاريخ العريق والتقاليد الراسخة في واحة الخارجة. ومن خلال معالمها التاريخية مثل درب السندادية وبيت مصباح الواحاتي، يتجلى التراث الثقافي والمعماري الذي يعكس حياة الأجداد وأساليبهم في التكيف مع البيئة المحيطة. كما يسهم الحفاظ على هذا التراث وتطويره ليكون مزارًا سياحيًا في إبراز الهوية الثقافية للمنطقة وتعزيز الوعي بتاريخها الغني.