أبناء القبائل في قنا يكشفون لـ “صوت القبائل” عن عادات الزواج بين الماضي والحاضر
أسماء صبحي
لا يزال أبناء القبائل في محافظة قنا يحافظون على عادات وتقاليد القبيلة التي اكتسبوها عن أجدادهم منذ مئات السنين. فكلما جاءت مناسبة زواج أو عزاء أو حتى “أخذ بالثأر”، تلجأ كل قبيلة إلى طقوسها الخاصة التي تميزها عن غيرها. والتي توارثتها منذ أن وطئت أقدامها أرض جنوب مصر. ورغم أن البعض يخرجون عن عباءة التقاليد إلا أنهم يعتبرون أن “لكل قاعدة شواذ”.
ويظل حال محافظة قنا كحال غيرها من محافظات الصعيد، حيث يغلب عليها الطابع القبلي. ويوجد بها قبائل “العرب، الأشراف، الهوارة، الأمارة”. والكثير من العائلات العريقة المنتشرة فى كافة مراكز وقرى ونجوع المحافظة. ولدى هذه القبائل الدساتير والقوانين والأعراف الخاصة بها، بالإضافة إلى العادات والتقاليد التي تمثل حياة أبنائها فى أمور كثيرة. كما أنها تقوم بدور هام فى تحديد ماهية الكثير من الأشياء. مثل تقبل العزاء عند وفاة الرجل أو السيدة، وخلال المصالحات الثأرية والزواج وغيرها.
عادات الزواج عند قبيلة الهمامية
وعن عادات الزواج عند قبائل قنا، قال صديق الهمامي، أحد أبناء قبيلة “الهمامية” التي تنتمي إلى قبيلة “الهوارة” في قنا. إن البداية تأتي عندما يعرض على الرجل ابنة عمه التى حان دورها وتقدم لها شخص للزواج منها، كما يتم عرض مواصفاتها. وفي حال قبل بها فعلى الفتاة القبول بابن عمها لأنه أقرب من تقدم لها من العرسان. ولا بد أن توافق على قرار الأسرة ولا تراجعهم فيه. وفي حالة المخالفة تمارس ضغوط اجتماعية على الأسرة، وعلى المدى البعيد يتم عزلها اجتماعياً.
وأضاف صديق، إن المستوى الاجتماعي والمادي ربما يكون عائقاً داخل القبيلة. فعلى سبيل المثال، لا يمك لأبناء الطبقة الدنيا اجتماعياً ومادياً من القبيلة أن يختاروا فتاة من طبقة متوسطة أو من أسرة يتقلد رجالها مناصب عليا ولديهم أملاك. وذلك نظراً لصرامة هذه المنظومة الاجتماعية. وفي حال ارتباط أبناء طبقة فقيرة بفتاة أسرتها ثرية يكون الرجل إما ذا علم أو منصب قيادي.
وقال صديق، إن هناك حالا فردية ونادرة من الفتيات اللاتي خرجن وتزوجن خارج أبناء العمومة أو القبيلة. وهي غالباً تحمل في طياتها غضباً واسعاً. ويعد هذا جرمًا كبيراً يخل بتقاليد القبيلة، وينظر للفتاة وأبنائها نظرة متدنية.
تزويج الفتاة حسب اختيارها عند العرب
وفي السياق ذاته، قال أحمد جاد، أحد أبناء قبيلة العرب في محافظة قنا. إن القبيلة لدينا أكثر انفتاحاً فيما يتعلق بالزواج، والبنت لدينا يمكنها الزواج بحسب اختيارها. إلا أن الشاب ابن القبيلة لا يستطيع الزواج من فتاة “هوارية” مثلاً إلا إذا كان صاحب منصب أو جاه.
وتابع أحمد: “في حال الموافقة، تكون هناك عادات معينة للزواج في القبيلة. حيث يقيم العريس الفرح في “المضيفة” الخاصة بالعائلة، ويقوم بجمع “النقطة” من الحضور. وهى إما نقود أو سكر وشاي، كما تجمع والدة العريس أو العروسة “نقطتها” من السيدات المهنئات على مدار أسبوع”.
عادات الزواج في قبيلة الأمارة
أما عن الزواج في قبيلة “الأمارة”، يقول محمد سيد، أحد أفراد القبيلة: “اختلفت الكثير من الأمور في عقود الزواج الجديدة في الوقت الحالي عن الماضي. وأصبح الناس أكثر انفتاحاً عن الماضي، حيث كانت الفتاة لا تتزوج إلا ابن قبيلتها والشاب يتزوج من ابنة عمه أو عمته أو أقربائه أو بنت قبيلته فقط. ولكن حالياً كان للتقدم والتطور والحداثة وزيادة نسبة التعليم أثر كبير على الناس، حيث بات كل واحد حر فى اختياره”.
واجب قبلي
ومن جهته، قال هشام قدوس، أحد أبناء قبيلة الأشراف فى محافظة قنا، والتي تمثل نسبة كبيرة من سكان المحافظة. إن زواج الفتاة من ابن القبيلة يعتبر واجبًا قبليًا للحفاظ على النسب الذى يعود لأحفاد النبي عليه الصلاة والسلام. مضيفاً: “الأزمة تنحصر في الفتاة التي تكون مصدر إزعاج لأسرتها حال قررت الخروج عن عباءة العادات والتقاليد. لكن الرجل من الأشراف فله حرية الاختيار من أي قبيلة أخرى كما يشاء”.
وتابع قدوس، إن الأسرة التى توافق على زواج ابنتها من شخص غير مرغوب فيه، تتحمل ضغوط قبلية من حيث العزلة الاجتماعية. أما أفراد قبيلة “الأشراف” الذين خرجوا من القرى وعاشوا في محافظات الوجه البحرى فلا يتقيدون بتلك العادات. فهم يتكيفون مع عادات وتقاليد الأماكن التي يسكنونها، إلا القليل منهم لا يزال متمسكاً بالحفاظ على النسب.
وأشار قدوس، إلى أن أبناء القبيلة يمتلكون نفس طقوس القبيلة من حيث حفل الزواج وخلافه. ففي قرى ‘الأشراف” ينظم الأهالي حفلاً يتخلله تقديم ولائم لحوم. بينما تقبل العروسة “النقطة” على شكل مبلغ من المال من الأقارب أثناء التهنئة بعرسها أو بعد الزفاف.