المزيدحوارات و تقارير

خبز القبوري قرين بحياة الندرة وقلة الموارد.. وهذا سبب تسميته

دعاء رحيل

في محافظة البحر الأحمر وخاصة في الجنوب هناك عدد من القبائل أشهرها قبائل العبابدة التي تعتبر من أعرق قبائل البحر الأحمر التي تقطن تحت سفوح الجبال. البدو يتأقلمون مع الطبيعة ويتفقون مع قولهم: “نحن من الطبيعة ونعود إليها” ، وكان أهل الجنوب مبدعين في صنع خبز القبوري “بدفنه تحت الأرض لتنضج في الحرارة ، والرمل وإشعال الفحم حولها ، وتكييف الطبيعة للتعامل معها ، حيث لا توجد مواقد كهربائية أو غازية.

 

خبز العبابدة

وفي هذا السياق قال محمد علي من أبناء قبيلة العبابدة، الذي يسكن مدينة الحطابة المحصورة بين البحر الأحمر والصحراء الشرقية، يكشف قصة خبز القبوري، وطريقة إعداده. فيقول إن صنع هذا الخبز يعتمد على توافر الدقيق والماء. ويضاف إليهما بعض الملح، ثم يتحول إلى عجين، ولا يحتاج إلى تخمير، إلى جانب ذلك يتم جلب حطب السمر أو السيال. مشيرا إلى طريقة تسوية خبز القبوري؛ إذ يتم إشعال النار في الحطب حتى يتحول إلى جمر. وترتفع درجة حرارة الرمال أسفله حتى تصبح أشبه بباطن فرن.

كما قال علي، بعد إبعاد الجمر جانبا. يوضع العجين على الرمال الساخنة في حفرة قريبة الشبه بالقبر الصغير. ومن هنا جاء أصل التسمية. بعد ذلك يوضع الجمر فوق العجين. وينتظر قرابة نصف الساعة حتى يستوي الخبز، قائلًا “بعد أن ينتهي إعداد القبوري، نقوم بتنظيف الخبز الساخن من بقايا الرمال والجمر العالق به، ويكون جاهزا للأكل”. موضحا أنه يعد في الصحراء حتى يؤكل في وقته. ولا يبقى على حالته الشهية أكثر من ساعتين، لأنه يجف. لافتا في الوقت ذاته إلى أنهم يصنعوه في المنازل بذات الطريقة، لكن باستخدام الأفران الحديثة.

خبز القبوري قرين بحياة الندرة وقلة الموارد

وفي سياق متصل، قال عاطف معتمد، أستاذ الجغرافيا بكلية الآداب في جامعة القاهرة، أن خبز “القبوري” الذي صادفه أثناء رحلاته. إنه “قرين بحياة الندرة وقلة الموارد. حيث لا توجد حتى أوعية الطهي”.مضيفيا أن العبابدة لم يعرفوا الأواني الفخارية. مثلما هو الحال مع سكان الوادي. حيث مياه النيل الجارية والطين الذي يصنع منه الفخار. كما أنهم لا يعرفون الأواني المعدنية. مما جعل طرق طهي الطعام بدائية جدا. فتعتمد على رمل الوادي وحطب السنط. مشيرا إلى أن تحضير عجين خبز القبوري يتم دون تخمير.

فيما لفت  معتمد إلى أن هناك “وازعا أخلاقيا يجعل القبوري طعاما شهيا، وهو أنه يطهى ليقتسمه جماعة من الرفاق والأحباب ما بين الخمسة والعشرة”. مؤكدًا “في ذلك فضيلة شهيرة تجعل بينك وبين من أكلت معهم (عيش وملح) يفرض عليك حفظ العهد والأمانة”.

 

ونوه أستاذ الجغرافيا، أن أكثر العبابدة يحافظون -حتى الآن- على عادات طهى القبوري في الوديان، رغم زحف المدينة عليهم، وتوافر خبز الأفران الجاهزة في المدن القريبة، مثل مرسى علم، والبلدات الأصغر مثل أبو غصون وحماطة وبرنيس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى