حوارات و تقارير

قاعود النوم بسيناء يمنع أخذ الثأر ويجدد السلام بين العائلات

دعاء رحيل

تشكل العادات والتقاليد في سيناء قواعد إجبارية وملزمة للأفراد أمام المجتمع القبلي. ومن هنا فقد جري العرف علي مصطلحات كفيلة بتحقيق الاستقرار للأسرة. أو تحول حياتها إلى جحيم ما لم تخطو سريعا للالتزام بالقواعد والقوانين العرفية الملزمة لأفراد المجتمع القبلي. ورغم أن هذه العادات أخذت طريقها للاندثار رويدا رويدا. إلا أنه في بعض المناطق في سيناء مازال هناك التزام بها في ظل التواجد القبلي في سيناء.

غرامة

وتعد أوائل هذه المصطلحات غرامة قعود النوم: وتعني أنه في حالة وقوع حادثة قتل فإن الثأر يطول كل افراد العشيرة حتى الجد الخامس. وهنا يبادر الشخص” بإعلان خروجه لدي أحد المشاهير وإلا فإنه مطالب بأن يذهب إلى عائلة القتيل ليشتري الأمان كي لا يطارد من أفراد عائلتها.

وفي هذا الإطار يقوم بدفع غرامة تسمي “قعود النوم” حتى ينام في أمان وسلام. والتي تقدر غالبا بقعود “جمل” وتجري هذه الخطوة من خلال وسطاء وليست بطريقة مباشرة. ويعين عليها كفيل من عائلة القتيل لضمان عدم المساس به مستقبلا .

يذكر أن في محافظة شمال سيناء قامت ثلاثة عائلات مؤخرا من قبيلة مشهورة. وتعتبر من أشهر قبائل المحافظة، بعقد جلسة عرفية للتصافي فيما بينها لدى أحد كبار المشاهير بمنطقة الشيخ زويد. والتأكد من عدم وجود أي مستحقات مالية أو حالة ثأر لقتل قديم قد تمت بين هذه العائلات.

يذكر أن الجلسة العرفية قد تأتي  بعد رغبة البعض من أفراد هذه العائلات في الخروج من نسق الأجداد. بعدما تجاوزت الرابطة بينهم الجد الخامس وهم. ينتمون الآن إلى الجد السابع أي أنه حدث تباعد في النسب.

وذهبت العائلات الثلاثة إلى هذا الخروج نظرا لوجود بعض أفراد أحد العائلات الثلاثة. بالاستدانة من العائلات الأخرى دون رد المبالغ المقترضة إليها. ويخشى أن يقوم أحد أفراد هذه العائلة أيضا بقتل أحد الأفراد من قبيلة أخرى وهنا سيلحقهم الأذى.

قاعود النوم لتسوية الخلافات

وفي هذا السياق قال موسى وهو من بين أفراد هذه العائلات الذي أراد لنفسه النفاد وعدم تحمله مشاكل الآخرين من أبناء عائلته أن الخروج من رابطة الأجداد. يشكل عدم إلحاق أي أذى من جانب أي قبيلة عند وقوع حادثة قتل من جانب أحد أفراد هذه العائلات الثلاثة الذين أعلنوا خروجهم من العائلة .

كما نوه موسى، أن هذه المرحلة إلزامية حتى لا نضطر فيما بعد إلى دفع غرامة “قعود النوم” ليشتروا الأمن والسلام لهم ولأسرهم. مؤكدًا أن مصطلح “قاعود النوم” و “تجديد الحصوة” تعدان من المصطلحات الغريبة على المجتمع الحضري. ولكنها تشكل طوق النجاة والأمان لحياة الإنسان البدوي في شمال سيناء خاصة في قضايا الثأر بالقتل .

قاعود النوم لدفع العطوة

وفي هذا السياق قال سليمان عياط الباحث السيناوي، أن القضاء القبلي شأن عريق في أعماق البشرية ,وقد ظل هذا النظام ملاصقا لحياة البداوة في الصحراء عبر التاريخ, وهذا النظام قائم على التماسك والتكتل والتعصب، منوهًا  أن القبيلة تقع علي قمة النظام الهرمي للأنساب في شمال سيناء، وينبثق من القبيلة الأسرة والتي تتعدد لتتكون في مجموعها العائلي لتلتقي معا في الجد الخامس، موضحًا أن في حالة وجود قتل لأحد أفراد أي عائلة يتم دفع ما يسمي بالعطوة ” وهو عبارة عن  مبلغ من المال”، ويقوم القاتل وخمسته بإبلاغ بعضهم البعض فورا مهما تباعدت محال إقامتهم حتى يأخذوا حذرهم.

كما أضاف الباحث السيناوي، أن القاتل قد يلجأ إلى إحدى القبائل المجاورة ليطلبوا الأمان لهم والمساهمة في التدخل للتسوية  النزاع بالطرق السلمية عن طريق قبول الحق، حاملين معهم أمتعتهم وأموالهم خاصة خلال الأيام الثلاثة التي تلي عملية القتل أو الوفاة, وهذه الفترة تدعى  فترة “فوره الدم”، لذا فأن ما ينهب من عائلة القاتل خلال تلك المدة لا يدخل ضمن الدية.

كما قال عياط ، أن الأشخاص الذين يقومون بتسوية الخلافات يقوموا بطلب “الجيرة” من عائله القتيل. “ولا يحق لخمسة القتيل الأخذ بالثأر ويسمي كفيل “الوفا ” وهو الرجل الذي يقوم بدفع الدية لأهل المقول، وآخر يسمي كفيل ” الدفا “. وهو من يتعهد بدفع هذا الحق، وهناك من يرفض إذا كان القتل عمدا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى