آثار هيكل سرابيط الخادم في سيناء أقدم حضارة إنسانية عرفها التاريخ
استطلاع _ محمود الشوربجي
يقع معبد سرابيط الخادم قرب مدينة أبو زنيمة الواقعة جنوب غرب شبه جزيرة سيناء والتي تبعد عن هيكل سرابيط الخادم بنحو 80 كم شرقاً، ومنطقة سرابيط الخادم هي منطقة جبلية صخرية تُعد موطناً هاماً ورئيسياً لمناجم الفيروز قديماً، والتي زودت الفراعنة بأحجار جميلة كانت تستخدم في صناعة الحلي والجواهر والدهان الأزرق، كما تبعد مدينة أبو زنيمة عن مدينة رأس سدر شمالاً بنحو 85 كم .
هذا ويعلو الجبل الذي يقع عليه هيكل سرابيط الخادم بنحو 850 متر فوق سطح البحر على شكل مستطيل مسطح الرأس.
ويحيط المعبد سلسلة جبال دائرية عالية كسد منيع وحامي للمعبد ، وهو من أكثر المعالم ندرة والتي تركها المصريون القدماء في شبه جزيرة سيناء، والتي تحتوي على أكواخ عمال المناجم والنقوش التي تركوها على الجدران، بما فيها صور السفن التي نقلت الأحجار إلى وادي النيل.
ويستمتع الزوار والسائحين الوافدين إلى هذه المنطقة برحلة الوصول إلى هذا المعبد التي تُعد مغامرة ، حيث تستقل في البداية سيارة دفع رباعي مع دليل أو مرافق من البدو حيث هو الوحيد الذي يعرف دروب المنطقة، ويتبع ذلك رحلة على الأقدام لمسافة قصيرة، حيث لا مجال لوصول السيارات إلى هذا المكان الوعر.
هذا ويحتوي الهيكل على كهف الإله هاتور أو حتحور ، وكهف الإله سبدو ، ومعبد الملوك ، وتلة الرماد فضلاً على احتوائها على نقوش قديمة العهد والتي تعد هي أقدم الحضارات الإنسانية قاطبة.
وبحسب نتائج عمليات التنقيب الذي قام بها العالم “فلينردز بيتري” في بداية عام 1905م مطلع القرن الماضي قد توصل إلى أن معبد حتحور، وهي معبودة مصرية قديمة استعان بها المصريون القدماء لحماية صحراء سرابيط الخادم حيث الطريق إليها بالغ الوعورة، وهى فوق هضبة الصعود إليها صعب من جميع الجهات، الآثار الموجودة بها وكذلك المناجم توجد فوق السطح المنبسط لتلك الهضبة العالية.
وقد عثر في هذه المنطقة على تماثيل عديدة تحمل أسماء الملك سنفرو من الأسرة الرابعة، والملك منتوحتب الثالث والملك منتوحتب الرابع من ملوك الأسرة الحادية عشر، ونقش لكل من سنوسرت الأول واسم أبيه أمنمحات الأول.
أما أشهر الآثار في تلك المنطقة فهو معبد حتحور والنقوش السينائية الأخرى التي اكتشف فيها عام 1905 وعرفت فيما بعد باسم النقوش السينائية وهي أصل الأبجديات.
أما معبد “حتحور” فيقع على سطح هضبة من الحجر الرملي ترتفع حوالي 1200م عن مستوى سطح البحر، يبلغ طول المعبد حوالي 80 مترًا، وعرضه حوالي 35 مترًا. وفوق نفس الجبل وبالقرب من المعبد توجد مغارات الفيروز التي تزخر صخورها بالعديد من النقوش الهامة.
وإلى الغرب من المعبد تقع منازل العمال، وهي دائرية الشكل شيدت بشكل خشن من أحجار المنطقة، وقد عثر فيها على بعض أدوات الحياة اليومية، كرس المعبد للإلهة حاتحور، وكان يضم حجرة لعبادة الإله سوبد.
يتضمن المعبد ثلاثة مداخل يصل إليها الزائر من ثلاثة وديان، فالمدخل الرئيسي من روض العير، والمدخل الثاني من وادي الخصيف، والمدخل الثالث من وادي الطليحة. كان المدخل الرئيسى يتضمن لوحتين إحداهما من عهد الملك رمسيس الثاني، والأخرى من عهد الملك ست نخت (أول ملوك الأسرة العشرين).
و يلي المدخل صرح شيد في عهد الملك تحتمس الثالث يؤدي إلى مجموعة من الأفنية التي تتضمن مجموعة من الحجرات، شيد البعض منها دون التزام بتخطيط المعبد، وكانت تتضمن أسماء الملوك الذين أوفدت البعثات في عهدهم، وكذلك رؤساء البعثات وآلهة المعبد.
وقد دمر المعبد إلى حد كبير، وخصوصًا في فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، كما نقلت إلى إسرائيل بعض عناصره المعمارية ( بحسب ما جاء في القاعة المتحفية بالقنطرة للآثار العائدة من اسرائيل في عام 2001م).
عندما اكتشف المصريون القدماء وجود ذهب وفيروز وأحجار كريمة في سيناء قام الملك أمنمحات الأول، وبعد ذلك الملك سنوسرت الأول (الأسرة الثانية عشر /الدولة الوسطى) بإقامة معبد لعبادة الإله حتحور سيدة الفيروز ثم شهد المعبد إضافات في عصور تالية عديدة حيث بدأ المعبد بكهف حتحور المنحوت في الجبل وهو قدس أقداس المعبد.
ثم شيدت أمامه حجرة أخرى تكريساً لحتحور ثم تردد أسماء العديد من الملوك الآخرين في المعبد والنقوش التي على هذه اللوحات وواجهات الصخر تحتوى على الابتهالات المعتادة للآلهة.
ويبلغ مجموع النقوش التي عثر عليها في سرابيط الخادم 387 نقشاً من الدولتين الوسطى والحديثة، وهى لا تشمل نقوش المعبد بالطبع حيث كانت بعثات المناجم ترسل برئاسة موظف كبير لأن المناجم من أملاك الملك، فكانت النقوش تذكر اسم الملك ورئيس البعثة وكبار موظفيه.
وفى عهد الدولة الحديثة قام الملك أمنحتب الأول بإصلاح ما تهدم من الهيكل خاصة البهو المحمول على الأعمدة، كما شيد هيكل حنفية حتحور الذي كان معداً لتطهير زوار المعبد ثم أضاف أمنمحات الثاني جزءاً لهذا البناء وفي عهد الفرعونين امنمحات الثالث والرابع أقيم هيكل الإله سبدو والإله حتحور وفى عهد تحتمس الثالث وحتشبسوت أضيفت عدة قاعات أمام قدس الأقداس،ثم عدة قاعات تالية في عهد ابنه أمنحتب الثانى، وشيدت ستة حجرات في عهد أمنحتب الثالث، وفي عهد الأسرة الثامنة عشر أعاد فراعنتها الاهتمام بسرابيط الخادم واستمر هذا الاهتمام في عهود تحتمس الثالث وحتشبسوت وامنحوتب الثالث وسيتي الأول ورمسيس الثاني ورمسيس السادس حيث بلغ عدد النقوش بسرابيط الخادم 387 نقشاً.