تاريخ ومزارات

علاقة الإنسان بالقرود قبل الجدري.. غول عند العرب وملك بالصين ومعبود بالهند وعقاب إلهى في التوراة

أميرة جادو

أرسل الأمريكيون قردين إلى الفضاء على متن الصاروخ “جوبيتر”، في 28 مايو عام 1959، وعادوا بأمان بعد اختراق مسافة 500 كم في الفضاء، وتمكن القردتان “ابلي” و”ميس بيكر” من البقاء على قيد الحياة والعودة إلى كوكب الأرض، لكن بعد ساعات قليلة فقط من عملية الهبوط، وأثناء عملية جراحية ماتت القردة “ابلي”، أما القردة “ميس بيكر”، فقد عاشت مدة أطول، وتوفيت سنة 1984، وهي في سن الـ 27.

وتتزامن هذه الذكرى مع حالة القلق التي يعيشها الكثير من الناس حول العالم، بسبب انتشار مرض جدري القرود في أمريكا وعدد من الدول الأوربية، ينتمي فيروس جدري القردة إلى جنس الفيروسية الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري، عرف مرض الجدري منذ العصور القديمة، واستطاع المرض اللعين أن يحصد أرواح الكثير من البشر.

ترتبط العديد من الأساطير والحكايات الأسطورية بالقردة كما هو الحال مع المخلوقات الأخرى، ويتم نسج الحكايات حولها، وتوصف بأوصاف مشابهة للأوصاف الأسطورية التي استخدمها القدماء لوصف المخلوقات الغامضة، واستمر الوصف الأسطوري وانتقل من جيل إلى جيل، ومن أشهر تلك الأساطير والحكايات التي ارتبطت بالقرود من القدم وحتى الآن، ما يلي:

الغول في أساطير العرب

قد ذكرت القردة في المؤلفات العربية بأوصاف منها أن خلقته خلقة الإنسان ورجلاه رجلا حمار،  وبحسب ما ذكره  المسعودي في كتابه “مروج الذهب”، بأن الغول حيوان شاذ من جنس الحيوان لم تحكمه الطبيعة وأنه لما خرج منفرداً في نفسه وهيئته توحش في مسكنه، فطلب القفار، وهو يناسب الإنسان والحيوان البهيمي في الشك، وكانت العرب قبل الإسلام تزعم عن الغيلان أنها توقد بالليل للعبث والتحيل واختلال السابلة وأنها تظهر للمسافرين في الصحراء فتحاول أن تسخر منهم وأن تعبث بهم وأن تضلهم عن طريقهم، فيتيهون في الصحاري.

كما بحث أمين معلوف في اسم الغول وتوصل إلى نتيجة مفادها أن الغول هو الغوريلا “Gorilla” الذي ينتمي إلى عائلة “”Pongidae، والتي ترجمها أمين معلوف باسم عائلة السعالى حيث ينتمي لهذه العائلة نوع من القردة.

الملك القرد في الأسطورة الصينية

يعتبر القرد من الشخصيات الأسطورية الرئيسية في رواية “رحلة إلى الغرب” من القرن السادس عشر، يعتقد أن أصل الرواية تعود لملحمة الإله الهندوسي رامايانا، وتحكي الرواية عن قرد ولد من الصخور وله قدرات خارقة للطبيعة ويمارس طقوس طاوية، وبعد تمرده على السماء، حكم عليه بوذا بأن يسجن أسفل الجبل، بعد ذلك التقى بالراهب تانغ سانزانغ في رحلته لاسترجاع السوترا البوذية في غرب شبه القارة الهندية حيث كان يقيم بوذا وأتباعه، نتيجة حياته في الجبال أصبح يمتلك قوة طبيعية وكان له قدرة على حمل جبلين عاليين والجري بهما بسرعة النيزك.

القرود في برج بابل

بينما في الأسطورة اليهودية، ذكر إن ثلاثة طبقات من البشر بنوا برج بابل، تحولت طبقة منهم إلى قردة كعقاب من الله وكان البعض يعتقد أن اليهود الذين يقيمون في إيلات قد عاقبهم الله وأحالهم إلى قردة، لأنهم كانوا يصطادون في يوم السبت المخصص للراحة، وكان ينظر إلى القرد في التراث الشعبي المسيحي إبان العصور الوسطى على أنه حيوان شهوانی لديه شبق، كما أنه لا يعرف الخجل.

المعبود القرد عند الهندوس

أما في الديانة الهندوسية، هناك  اللورد هانومان، القرد العظيم الذي ساعد اللورد راما في رحلته ضد قوى الشر، هو واحد من الأوثان الأكثر شعبية في البانتيون الهندوس، يعتقد أن هانومان هو تجسيد للرب شيفا، ويعبد كرمز للقوة البدنية والمثابرة والإخلاص. حكاية هانومان في ملحمة رامايانا – حيث تم تعيينه مسؤولية تحديد موقع زوجة راما سيتا التي اختطفها رافانا، ملك شيطان لانكا – معروفة بقدرتها المذهلة على إلهام وتجهيز القارئ بجميع المكونات اللازمة لمواجهة المحن والقهر عوائق في طريق العالم.

القرد وأسطورة داروين

وبعيدا عن أساطير القدماء، تظل جملة “الإنسان أصله قرد” وكأنها أسطورة حية بيننا الآن، ولعلها الجملة الأكثر تعقيدا التى يتم مهاجمة داورين عليها، لكن الحقيقة أن الرجل نفسه لم يقل ذلك، لكن داروين نفسه ظل حائراً في ما عُرف بما سماه الحلقة المفقودة، التي تتوسط الانتقال من طبيعة القردة للإنسان الحديث، في عام 1859 م، قام داروين بنشر نظرية التطور مع أدلة دامغة في كتاب (أصل الأنواع) متغلباً على الرفض الذي تلقاه مسبقاً من المجتمع العلمي على نظرية تحول المخلوقات.

والجدير بالذكر، بدأت القصة عام 1859، عندما نشر كتاب تشارلز داروين “أصل الأنواع” لأول مرة، كان السجل الأحفورى غير معروف تماماً. ووصف داروين النقص الملحوظ في الحفريات الانتقالية على أنه “الاعتراض الأخطر والأكثر وضوحاً والذي بالإمكان استعماله لنقض نظريتي” لكنه أوضح ذلك بربطه بالنقص الشديد في السجل الجيولوجي. وأشار إلى المجموعات المحدودة المتاحة في ذلك الوقت، لكنه وصف المعلومات المتاحة بأنها أنماط إيضاحية تتبع نظريته عن النسب مع التحوير من خلال الاصطفاء الطبيعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى