بني عباد: أسرة حكمت الأندلس في القرن الحادي عشر
تُعد أسرة بني عباد من أبرز الأسر التي حكمت الأندلس في القرن الحادي عشر. فقد حكمت هذه الأسرة مملكة إشبيلية لمدة 62 عامًا، من عام 422 هـ إلى عام 484 هـ. وقد تركت الأسرة إرثًا ثقافيًا وحضاريًا غنيًا، لا يزال مذكور حتى اليوم.
أصل الأسرة وتوليهم الحكم
تعود أسرة بني عباد إلى قبيلة لخم العربية، التي كانت تسكن في شمال شبه الجزيرة العربية، حيث كانت تقيم في منطقة الموصل. ثم هاجرت هذه القبيلة إلى الأندلس في نهاية عصر الدولة الأموية، أي في القرن الرابع الهجري.
برز من الاسرة القاضي أبو الوليد إسماعيل، الذي تولى مناصب هامة في عهد الخلافة الأموية، مثل القضاء في عاصمة الخلافة الأموية قرطبة. توفي أبو الوليد إسماعيل عام 414 هـ، وخلفه ابنه محمد أبو القاسم في القضاء.
في عام 422 هـ، اندلعت ثورة في إشبيلية أطاحت بحكم بني حمود، الذين كانوا يحكمون الأندلس في ذلك الوقت. ونتيجة لذلك، عيَّن أهالي إشبيلية محمد أبا القاسم حاكماً للمدينة، وهو يعد المؤسس الفعلي لسلالة بني عباد.
توسيع المملكة
بدأ محمد أبو القاسم بتوسيع مملكته، فضم إليها مدناً عديدة في جنوب وغرب الأندلس، مثل قرمونة وولبة ولبلة وشلطيش والجزيرة الخضراء وقرطبة. وهكذا، ورث ابنه المعتمد بن عباد ملك أبيه، وواصل توسيع المملكة، فضم إليها مرسية وبلنسية ومدناً أخرى.
ازدهار المملكة
عاشت المملكة أوج ازدهارها في عهد المعتمد بن عباد. وازدهر الشعر والأدب والعمران في إشبيلية، مثلما ازدهر في مدن الأندلس الأخرى، مما جعلها مركزاً ثقافياً وحضارياً رائدًا في الأندلس.
سقوط المملكة
وللاسف انتهت دولة بني عباد على أيدي المرابطين عام 484 هـ، عندما دخلوا عاصمة بني عباد إشبيلية وأسروا المعتمد، ونفي إثر ذلك إلى مدينة أغمات في المغرب، حيث توفي بعد أربع سنوات، لتنتهي بوفاته السلالة.