حوارات و تقارير
كيف يؤثر الصراع الروسي الأوكراني على الوضع الأمني في العراق؟
دعاء رحيل
حذرت تقارير دولية من أن تنظيم الدولة قد يستغل تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا لاستعادة نشاطه في مناطق عديدة من العالم ومنها العراق
تواجه القوات العراقية تحديات جدية تتعلق بتأمين قطع الغيار والذخيرة الخاصة بالأسلحة والمعدات الروسية، التي تشكل نحو ثلث ترسانة الجيش العراقي، حيث كشف مصدر مسؤول في وزارة الدفاع -لوسائل إعلام محلية- عن تأجيل خطط شراء أسلحة ومعدات تسليحية من روسيا، بسبب العقوبات الأميركية والغربية على موسكو جراء حربها على أوكرانيا.
تأثيرات الأزمة
يبيّن الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور فاضل البدراني أن الحرب الروسية الأوكرانية لها تأثير واضح على العراق باعتباره جزءا من المنظومة الدولية التي تأثرت من حيث تدفق الأسلحة أو حتى أسعار السلع والبضائع وغيرها.
كما أكد البدراني أن إثارة هذه الحرب في هذه المنطقة بالذات عليها أكثر من علامة استفهام، وكأن الفاعل الذي قام بالتحريض على هذه الحرب يدرك جيدا أن 40% من واردات الحديد القمح والزيت والمواد الغذائية الأخرى هي كلها من روسيا وأوكرانيا.
وشدد على ضرورة تبني الحكومة العراقية موقف الحياد تجاه هذه الحرب؛ فالجميع يترقب طبيعة المعركة، ومن سينتصر فيها، وليس من مصلحة العراق أن تخسر طرفا على حساب طرف آخر.
تعطيل وصول الأسلحة
وعن تعطل وصول الأسلحة، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف إن العراق كان يعتمد على عقيدة التسليح الروسية وقليل من الفرنسية قبل الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، ولكن الوضع تغير بعد ذلك.
وأضاف أبو رغيف، أن العراق عمد إلى تنويع مصادر تسليحه، فقد تم الاستيراد من روسيا ومن دول أوروبا الشرقية ومن بريطانيا ومن الجانب الأميركي كذلك.
ولا يستبعد أبو رغيف تأثير الحرب الأوكرانية الروسية على تسليح العراق، حيث إن بعض المعامل التي تنتج الأدوات الاحتياطية للأسلحة الروسية موجودة في أوكرانيا وهذا قد يكون السبب الرئيسي في تعطيل بعض هذه الصفقات.
ويلفت إلى أن أوكرانيا كانت تصدر للعراق بعض محركات الطائرات التي كانت تحارب تنظيم الدولة، ويضيف “لا ننسى الدور الكبير لمنظومة الكورنيت (Cornet) الروسية التي تعتبر الجيل الرابع في مقاتلة الدروع، وهي أفضل من حطمت ودمرت مفخخات تنظيم الدولة”.
وينوّه أبو رغيف إلى أن العقوبات الغربية على روسيا قد تعوق عملية التعاقد مع الجانب الروسي، حيث تجد البنوك العراقية صعوبات في إيداع المبالغ أو فتح اعتمادات للبنوك التي تعطي للجانب الروسي.
انعكاسات أمنية
كما تحذر تقارير من أن تنظيم الدولة قد يستغل تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، لاستعادة نشاطه في مناطق عديدة من العالم ومنها العراق.
وفي هذا السياق قال الباحث السياسي أمير الساعدي إنه مع كل العمليات الاستباقية التي تقوم بها أجهزة العراق الأمنية ومحاصرة عناصر تنظيم الدولة، لكن الكثير من خلايا التنظيم لا تزال موجودة.
كما كشف الساعدي، عن عمليات نوعية قامت بها القوات العراقية ضد خلايا التنظيم المنتشرة في صحاري محافظة الأنبار وصلاح الدين ونينوى، وهناك عمليات مهمة غربي البلاد وكان آخرها في منطقة القائم الحدودية مع سوريا.
وحول تأثير تعطل وصول السلاح الروسي على قدرات القوات العراقية، يرى الساعدي أنه لن يؤثر على التصدي للأزمات الحالية، لأن العراق يمتلك خزينا إستراتيجيا، لكنه قد لا يكون طويل الأمد.
وأوضح أن العراق في حربه ضد ما يسمى الإرهاب استطاع تنويع مصادر استيراد الأسلحة، رغم أن جزءا كبيرا من عقيدة السلاح العراقية معتمد على السلاح الشرقي، وبالتالي من الممكن إيجاد بدائل من رومانيا وبولندا وفنلندا وبلغاريا التي تنتج هذا النوع من الأسلحة.
ولفت الساعدي إلى أن العراق الآن في طور نشوء صناعة حربية ليست فقط للأسلحة الخفيفة بل كذلك الأسلحة المتوسطة والثقيلة، ولديه إمكانيات تصنيع الأعتدة الخفيفة والمتوسطة، وبعض قذائف الهاون والمدفعية وبأنواع محددة.
البياتي أكد أن هناك الكثير من البدائل الموجودة في حال تعرقل وصول السلاح الروسي.
بدائل متوقعة
وتشير التقارير إلى أن العراق يبحث عن بدائل مناسبة في حال استمرار الأزمة الأوكرانية الروسية.
وفي هذا الشأن أكد الخبير الأمني والإستراتيجي سرمد البياتي إن هناك الكثير من البدائل الموجودة في حال تعرقل وصول السلاح الروسي، ولا ننسى وجود أسلحة روسية كثيرة في دول الاتحاد السوفياتي السابقة، وكذلك السلاح الصيني.
وأعرب البياتي عن اعتقاده بعدم صعوبة الحصول على بدائل للسلاح الروسي، على عكس السلاح الأميركي الذي تحتوي كل قطعة فيه على كود ورقم خاص، ومن الصعب الحصول على بديل له.
فيما أشار البياتي إلى إمكانية الحصول على طائرة بيرقدار من تركيا للاستفادة منها في مقاتلة تنظيم الدولة، وكذلك يمكن شراء الأسلحة البديلة من إيران أو باكستان أو الهند، وكذلك كوريا الجنوبية وحتى البرازيل وغيرها الكثير من الدول، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود بوادر إرادة حقيقية لتسليح المؤسسة العسكرية.