تاريخ ومزارات

حكاية شارع أمير الجيوش أقدم شوارع القاهرة الفاطمية.. أسسه منقذ مصر من المجاعة

أميرة جادو

شارع أمير الجيوش، يعتبر واحد من أقدم وأشهر الشوارع التاريخية في مصر، ويقع في الجزء الغربي من القاهرة الفاطمية، يبدأ من ميدان باب الشعرية، وينتهي في شارع المعز لدين الله الفاطمي، ويرجع سبب تسميته إلى أمير الجيوش أو القائد “بدر الدين الجمالي” صاحب ومؤسس الشارع والمنطقة المحيطة به، ويوصف بأنه “رجل الساعة” الذي نجح في إنقاذ القاهرة الفاطمية من المجاعة ومن استفحال نفوذ الأتراك والبرابرة في ذلك الوقت، ووفقًا لما ذكره الكاتب حمدي أبو جليل في كتابه “القاهرة شوارع وحكايات”.

بدأ بدر الدين الجمالي أو أمير الجيوش حياته السياسية والعسكرية في سلك العبيد، وكان أرمني الأصل، فقد شهد العصر الفاطمي ظهور شخصيات أرمينية عديدة خدمت في البلاط الفاطمي، فكان الجمالي عبدًا يباع ويشترى، إلا أن مواهبه وقدراته أنقذته من قسوة أيدى تجار النخاسة، ومهدت له مستقبلًا مناقضًا، وكانت أهم أسباب رفعة شأنه وتقلبه في أرفع المناصب كحاكم لمدينتي دمشق وعكا.
وعندما جاء الجمالي إلى مصر بقواته الأرمينية من الشام، عاشوا في القاهرة وقوبلوا بترحاب يناسب ثقة الجميع بقدراته على إنقاذ الناس من المجاعة وجور الأتراك والبرابرة، وقيل إنه حينما دخل على الخليفة الفاطمي لأول مرة، أمر الأخير جلسائه بأن يلزموا الصمت التام وإلا أطاح بهم؛ حتى يتمكن من الترحاب بالقائد المغوار.

وكانت القاهرة، وفي عهده، مدينة دفاعية محاطة بسور للتصدي لهجمات السلاجقة المحتملة عليها، وقد بقيت أجزاء من هذا السور وبعض أبوابه الشهيرة مثل (باب النصر، وباب الفتوح، وباب زويلة).
وأعاد بدر الدين، وهو وزير الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، النظام إلى القاهرة وأرسى الأمن والطمأنينة في ربوعها، وامتدت يده إلى باقي أقاليم مصر، فأعاد الهدوء والاستقرار إليها، وضرب على يد العابثين والخارجين، وبسط نفوذ الخليفة في جميع أرجاء البلاد.

كما عمل أيضًا على تنظيم شؤون الدولة وأنعش اقتصادها، مما عمل على تشجيع الفلاحين على الزراعة بعد رفع جميع الأعباء المالية عنهم، وأصلح الترع والجسور، وأدى انتظام الزراعة إلى وفرة الإنتاج وتراجع الأسعار، وكان لاستتباب الأمن دور مهم في تنشيط حركة التجارة في مصر، وتوافد التجار عليها من كل مكان.

وبعد حياة مليئة بالإنجازات، توفى بدر الدين الجمالي سنة 1094م، وترك ابنا هو “الأفضل أبو القاسم شاهنشاه”، الذي أصبح هو الآخر وزير الخلفاء الفاطميين المستنصر بالله والمستعلي بالله، والآمر بأحكام الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى