حوارات و تقارير

بعد شرائها النفط الروسي.. الهند توجه أزمة استراتيجية بسبب الحرب في أوكرانيا

أسماء صبحي
 
تمثل الحرب الروسية في أوكرانيا، تحديًا استراتيجيا للهند التي عملت على مدار سنوات على تأسيس شراكة مع الولايات المتحدة في مواجهة الصين عبر “تحالف كواد”، قبل أن تغرد منفردة خارج التحالف وتمتنع عن إدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتتجه لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع موسكو.
 
ولم ينجح قادة “تحالف كواد” (أميركا واليابان وأستراليا)، من إقناع شريكهم الرابع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بدعم موقفهم في أزمة أوكرانيا، واكتفى التحالف في بيان مشترك بالإشارة إلى أن قادتها “تطرقوا إلى النزاع والأزمة الإنسانية في أوكرانيا، وأجروا تقييمًا لتداعياتها الأوسع نطاقا”.
 
وامتنعت الهند في سلسلة متعاقبة من جلسات تصويت في الأمم المتحدة عن إدانة الغزو الروسي، وبالرغم من أن روسيا تعد أكبر مصدر للأسلحة إلى الهند منذ الحقبة السوفيتية، فإن نيودلهي تحتاج الآن إلى دعم أكبر من مجموعة “كواد” في مواجهة تنامي النفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
 

الهند بين شقي الرحا

ومن جهتها، قالت إيرينا تسوكرمان الخبيرة الأميركية المتخصصة في الشؤون الاستراتيجية، إنه “من المؤكد أن روسيا تتطلع إلى ضم الهند وأي دولة أخرى يمكن أن تجدها في دائرة نفوذها تحت أي ذرائع، ومع ذلك فإن حياد الهند بأزمة أوكرانيا ليس بالضرورة مؤشرًا على قرار نيودلهي بالعودة إلى معسكر روسيا بالكامل”.
 
وأضافت تسوكرمان، أن “الهند في موقف لا تحسد عليه، فهي تحاول تحقيق التوازن بين العديد من التهديدات والمصالح والأولويات المختلفة أثناء التعامل مع موقف مخيب للآمال من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، فالهند محاطة بقوتين نوويتين هما باكستان والصين، وقد كانت الأولى حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة لسنوات عديدة، واستفادت بشكل كبير من إمدادها بالأسلحة”.
 
وتابعت: “كانت الهند مدعومة تاريخياً من قبل الاتحاد السوفيتي وروسيا، وبدأت في السنوات الأخيرة فقط بالانتقال إلى المعسكر الموالي للغرب بشكل أكثر صراحة لا سيما فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية وقضايا الدفاع، رداً على التهديدات المتزايدة من المتطرفين المدعومين من جانب باكستان وكذلك من عدوانية الصين، كما كان تقارب روسيا من الصين عاملا لا تستطيع الهند أن تتجاهله أيضا”.
 
وأوضحت تسوكرمان، أن الهند “ابتعدت مؤخراً عن الاعتماد على الأسلحة الروسية، وأصبح أكبر مورديها فرنسيين وإسرائيليين، رغم أنها لا تزال تعتمد بشكل كبير على إمدادات الأسلحة الروسية (حوالي 70 بالمئة)، لذا فهي غير قادرة على قطع العلاقات بموسكو”.
 
وأوضحت الخبيرة الاستراتيجيو، أن “ما يميز العلاقات الهندية الروسية ليس فقط عمليات بيع الأسلحة، لكن أيضًا البرامج المشتركة لأنظمة الأسلحة المختلفة المنتجة في روسيا أو بالاشتراك معها، التي تم شراؤها وتطبيقها بالفعل، حيث منحت موسكو الهند امتيازات خاصة فيما يتعلق بالدفاع، مثل دمج الأسلحة المصنوعة محليا في الطائرات المقاتلة والسفن البحرية، بينما لم تسمح الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا بحدوث ذلك حتى الآن”.
 

توسع روسي في الهند

وقامت شركة النفط الهندية الحكومية بشراء 3 ملايين برميل من النفط الخام من روسيا لتأمين احتياجاتها من الطاقة، مقاومة الضغوط الغربية لتجنب مثل هذه الصفقات، وأكد مسؤول حكومي هندي أن بلاده تتطلع إلى شراء المزيد من موسكو رغم الدعوات بعدم القيام بذلك من جانب الولايات المتحدة ودول أخرى.
 
ودعت الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى، الهند إلى تجنب شراء النفط والغاز الروسي، فيما ذكرت تقارير إعلامية هندية أن روسيا تقدم خصمًا على مشتريات النفط بنسبة 20 بالمئة أقل من الأسعار القياسية العالمية.
 
كما أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، اقتراب صادرات منتجات النفط الروسية إلى الهند من مليار دولار، كاشفًا عن وجود خطط لزيادة تلك الصادرات خلال المدة المقبلة، واهتمام روسيا بالتوسع في شبكة المبيعات بالهند، وتعزيز الاستثمارات الهندية في قطاع النفط والغاز بموسكو، وفق بيان للسفارة الروسية بالهند مساء الجمعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى