كتابنا

الاسراء و المعراج رؤية جديدة تلجم المشككين

الاسراء و المعراج رؤية جديدة تلجم المشككين
بقلم: د. أيمن زغروت الحسيني
الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده, ونصلي ونسلم على سيدنا محمد واله وصحبه
دعونا اخوتي الاعزاء نتناول حادثة الاسراء والمعراج من زوايا جديدة تزيدها قدسية وبهاء يكافئ مكان حدوثها بالملأ الأعلى لأخيار البشر من النبيين والمرسلين صلوات الله عليهم.
الزاوية الأولى: معراج الانبياء تكريم شائع ومتكرر لهم
يظن البعض ان المعراج الى السماء أمر انفرد به نبي الاسلام سيدنا محمد (ص), وهذا خاطئ.
فقد أثبتت كتب اهل الكتاب السابقين لنا وبعض تفاسيرنا معراجاً لعدد من انبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, بل إن بعضهم أعرج به مرتين على الأقل, وسأستخدم كتب أهل الكتاب فلعل القارئ منهم ولا يؤمن بالقرآن الكريم, وذلك لإقامة الحجة مما يقدسونه.
فمن ذلك:
1. معراج إدريس عليه السلام:
معراج نبي الله إدريس عليه السلام مرتين مرافقاً لأحد الملائكة , حيث كانت بينهما أخوة طويلة فسأله إدريس أن يريه الملأ الأعلى, فقال حتى استئذن ربي, فلما أذن له أخذه في رحلة أولى إلى الملأ الأعلى حيث أمر الله عز وجل أن يعلمه أحد الملائكة العظام الرسلة المطلوب منه إيصالها إلى البشر.
أما في المعراج الثاني فقد قبضت فيه روحه عليه السلام في السماء الرابعة في خبر شهير, حيث تعجب ملك الموت عندما امره الله عز وجل أن يقبض روح إدريس في السماء الرابعة فتساءل كيف سيصل بشر الى هذا الموضع, فوجد ادريس مرافقا لصديقه من الملائكة في نفس الموضع فأنفذ ما أمره الله فيه عليه السلام, وفي ذلك كانت الاية الكريمة: (ورفعناه مكانا عليا), وفي قصة معراج النبي محمد قابله فعلا في السماء الرابعة وهو تطابق بين حديث الاسراء والمعراج والعهد القديم في هذا التفصيل.
2. معراج إلياس عليه السلام:
وفي قصة إلياس عليه السلام في العهد القديم, حيث طارده ملك كافر ليقتله ففر الى ساحل البحيرة وهناك استخلف بعده تلميذه ذا الكفل عليه السلام ثم جاءته مركبة يخرج منها نار فركبها ثم لم يوجد, حسب نص العهد القديم.
3. معراج يحيى بن زكريا عليه السلام
في رواية الكنزا ربا (كتاب الصابئة المندائيين) وهم من هل الكتاب, حيث يصف الكنزا ربا خاتمة حياة النبي يحيى أن ملاكا كريما اسمه منداد هيي (إرادة الحي) قابله ليختبره في امر ثم سأله يحيى ان يأخذه معه فقد زهد في الدنيا واراد ان يرفع معه ففعل
4. معراج عيسى بن مريم عليه السلام:
نعرف كمسلمين أن الله عز وجل رفع عيسى الى السماء (عرج به) , وأنه سينزل في اخر الزمان ليكمل مهمته كما ذكر القرآن والسنة.
فإذا حدث ذلك لهؤلاء الاربعة على الأقل فما الغريب في معراج خاتم الانبياء والمرسلين؟
وهو ما يصدق حديث الاسراء والمعراج عندما قابل النبي صلى الله عليه و سلم الرسل في كل سماء يصعدها.
الزاوية الثانية: مكانة جبريل والتفاضلية بالملأ الأعلى
ورد في حديث المعراج أن جبريل عليه السلام توقف عن مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم بعد السماء السابعة فمن ذلك ما نقله النووي عن القاضي عياض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فارقني جبريل وانقطعت عني الأصوات. ومنها كذلك ما حكاه ابن عاشور في تفسيره عن مقاتل في قوله تعالى: وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ [الصافات:164] وهناك غيرها ، منتشر بين الجهلة منها قول سيدنا جبريل: لكلٍّ منا مقام معلوم يا رسول الله, إذا أنت تقدَّمتَ اخترقت, وإذا أنا تقدَّمتُ احترقت, وهو موضوع مكذوب.
والصحيح من هذه الاخبار يفيد ان لسيدنا جبريل مقام محدد لا يستطيع تجاوزه بينما يتجاوزه النبي وكذلك الملائكة حملة العرش والملأ الاعلى والكروبيون بحكم وظائفهم وربما مكانتهم.
وفي بعض الاحاديث التي اوردها السيوطي في الدر المنثور ج1 ص94, ان سيدنا اسرافيل احد حملة العرش وانه امين الله, يتلقى الامر من الله فيلقيه الى جبريل او ميكائيل او ملك الموت, وفي ذلك ما يشعر بجلالة قدر هذا الملك العظيم امين الله واحد حملة العرش والنافخ في الصور.
وهناك اخبار أن جبريل كحلقة في فلاة بالنسبة لميكائيل او اسرافيل, قال جبريل: (أنا بالنسبة لإسرافيل وميكائيل كحلقة ملقاة في فلاة، ولو تراهما يا رسول الله! وقد تصاغرا خشية من الله عز وجل، حتى يصيرا كالعصفور الصغير).
وللجمع بين النصوص , فإن جبريل عليه السلام افضل الملائكة في فئته, ويقال انها فئة الروح, وللملائكة فئات كثيرة, أعلاها حملة العرش ومن حوله (الملأ الأعلى ) ويقال انهم 12 ملك عظيم, وهناك الكروبيون الذين يطوفون حول العرش الى يوم القيامة, وهناك طائفة الروح ومنها سيدنا جبريل و ملك عظيم أخر في السماء الرابعة لو امره الله ان يلتقم السماوات و الارض في لقمة واحدة لفعل من ضخامة خلقته عليه السلام.
ان كل هذه التفاصيل نحن مطالبون بالايمان بها لان الايمان بقدرة الملائكة وعظم خلقهم تكسبنا الايمان بقدرة خالقهم العظيم الله الحي القيوم, ولذلك فان الايمان بالملائكة هو ثاني اركان الايمان بعد الايمان بالله عز وجل.
الزاوية الثالثة: سبب معراج النبي من المسجد الاقصى
كان من الممكن ان يعرج النبي (ص) من مكة مباشرة الى السماء, فما الحكمة من اسرائه الى القدس اولا ثم الصعود منها الى السماء؟
ولاشد انه درس من الله عز وجل لهذه الامة الخاتمة يبرز فيها اهمية ارض الاسراء المباركة وانها جزء من عقيدة المسلمين ودينهم.
“فقضية القدس دين وليست سياسة”
وفي المسجد الاقصى ايضا صلى النبي إماما بكل الانبياء للتأكيد على انها داره ودار امته فالرجل لا يؤم في داره. كما انها دليل على ان الدين عند الله الاسلام وانه ملة واحدة ملة ابينا ابراهيم وهو الذي سمانا المسلمين من قبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى