قبائل و عائلات

“العقيدات”.. قبيلة سورية حاربت الاحتلالين الفرنسي والإنجليزي

أسماء صبحي
قبيلة العقيدات هي واحدة من أكبر القبائل السورية، ذات الانتشار الواسع في المنطقة الشرقية من سوريا ووسطها، ولها ما يميّزها عن باقي القبائل والعشائر من حيث النسب والسيادة والصفات في المنطقة، وخاصةً أن الباحثون يرجعون نسبها إلى بني زبيد الأصغر ثم زبيد الأكبر بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج من قبائل كهلان القحطانية، كانت منازلهم في القرن الثالث الهجري في وادي تثليث، والتي تعرف في الوقت الحالي ديار قبائل قحطان.
 
وفي القرن الثالث الهجري، هاجر القسم الأكبر من قبائل زبيد باتجاه الشمال حيث حطوا رحالهم في جبال طي (أجا وسلمى) واستقروا مجاورين لسكان الجبل الأصليين من بني طي وقد ذكرهم ابن المقرّب في أحد قصائده عندما تكلم عن موقعة لينة بين بني زبيد وطي من جهة وركب الحج العراقي، وذلك عندما همت القبائل المذكورة بأخذ حاج بغداد فبلغ ذلك خليفة بغداد فأرسل إلى محمد بن أبي الحسين العيوني حاكم الإحساء فجمع العيوني عرب الإحساء والبحرين وانظم إليهم عرب العراق من المنتفق وخفاجة والتقوا في لينة بمنطقة حائل فدارت الدائرة على طي وزبيد.

تسمية العقيدات

تعود تسمية قبيلة العقيدات إلى بلدة عقدة في حائل وذلك بعد أن هاجروا منها نحو ضفاف نهر الفرات في العراق و سوريا، حيث كانوا آخر الزُبيّديين الذين هاجروا من عقدة حائل في نجد نحو الشمال، فيما يُعرف بآخر الهجرات البدوية الكبرى من شبه الجزيرة العربية، والتي شكلتها هجرة بني خالد الجبرية من الأحساء في القرن الحادي عشر الهجري ثم هجرة الزُبيديين من عقدة في حائل (العقيدات) في نفس القرن، ثم هجرة شمّر وعنزة في القرن الهجري الثاني عشر والثالث عشر.
ويذكر التاريخ أن بني زبيد استظهروا على قبيلة طي وأزاحوهم عن بعض ديارهم في مناطق (أجا وسلمى) إلى أن حصل التحالف الطائي الجديد تحت اسم (شمر) والمتكون من قبائل زوبع والأسلم الطائيتين مع قبيلة عبدة المذحجية القادمة من منطقة تثليث، والتي انضمت إلى التحالف المذكور مما جعل كفة التحالف الشمري ترجح على قبائل زبيد فيمم بنو زبيد وجوههم باتجاه تيماء ومن ثم على شكل موجات متلاحقة إلى بوادي العراق وسوريا وكان ذلك في حدود القرن التاسع الهجري.
 
ومن أهم قبائل زبيد الأصغر في هذه الهجرة العقيدات والدليم والجبور والعزة والجنابيين والبو شعبان والبو محمد، وفي هذه الأثناء كان على ضفاف وادي الفرات ودجلة قبائل مستقرة من القبائل القيسية وبني زبيد الأكبر وآل مِرَا الطائية وبعد مواجهات عدة استطاعت قبائل زبيد الأصغر إزاحة القبائل المذكورة وأن تجعل لنفسها مواقع في أغلب واديي الفرات ودجلة الأوسط منها والشمالي، ومن أهم آثار قبيلة العقيدات في بلاد الجبلين (حائل) قرية عقدة ووادي الصهيبي ومنطقة برزان وغيرها من المعالم.
 

مواطن العقيدات

بقيت قبيلة العقيدات متمسكة بالبداوة تجوب بادية الشام وحمص وحماه بقطعانها متحالفة مع قبيلة الموالي الطائية، عند حدوث الموجة الزبيدية الأخيرة في حدود القرن العاشر الهجري إلى بلاد الشام والعراق، عندما حدث خلاف أدى إلى تجافي الفريقين فتقدمت قبيلة العقيدات ومعهم عدد من القبائل والعشائر الشامية باتجاه نهر الفرات واستقروا على ضفتي نهر الفرات والواقعة في محافظة دير الزور حيث يمتدون في جهته اليمني (الشامية) من ناحية التبني غرباً إلى قرية الهري على الحدود العراقية شرقاً.
 
أما في الضفة اليسرى (الجزيرة) فيتمركزون من قرية خشام قرب دير الزور إلى قرية الباغوز على الحدود العراقية، كذلك يتمركزون على ضفتي نهر الخابور من شمال ناحية الصور إلى مصب نهر الخابور في الفرات عند ناحية البصيرة، وتشكل قبيلة العقيدات مع أحلافها نسبة 60 % من تعداد سكان محافظة دير الزور وللقبيلة امتداد كذلك في المحافظات السورية الأخرى.

تاريخ العقيدات

يذكر المؤرخون أن قبيلة العقيدات قارعة المستعمر الفرنسي والبريطاني وخاصة عشيرة البوخابور والعنابزة، حيث أن القبيلة تصدت للمستعمر الإنكليزي، وكانت السبب الرئيسي لثورة عشائر العراق عام 1920م، ولا سيما أن ثورة عشائر العقيدات في محافظة دير الزور الشرارة الأولى التي حركت الشعور القومي عند عشائر الفرات الأوسط في العراق.
 
وقد استطاع أبناء عشائر العقيدات دحر المستعمر الإنكليزي في دير الزور والبوكمال، بل وملاحقة قواته داخل الحدود العراقية بمسافة مئتي كيلو متر، وأهم المعارك التي خاضتها عشائر عقيدات البوكمال مع الإنكليز معركة تحرير البوكمال ومعركة المجرود والمدكوك والنسورية وظبيعة ووادي الرتقة والصفرة ودخول مدينة عانه، ثم معارك البارج والفحيمي.
 
كذلك كلفت الحكومة الشريفية (الهواشم) عشائر عقيدات البوكمال بقطع خطوط الإمداد للجيش البريطاني بين بغداد والموصل فحدثت عدة صدامات في منطقة حمام العليل والثرثار، أما مع المحتل الفرنسي فقد أبلت قبيلة العقيدات البلاء الحسن في تصديها للمحتل الفرنسي وحدثت عدة مواجهات أهمها معركة البوكمال وخشام والبوخابور وأبو سيباط والمصلخة وأخيراً تحرير مدينة البوكمال في آذار 1945م، حيث كان لعشائر البوكمال السبق بتحرير أرضهم وذلك قبل باقي المدن السورية.

فروع قبيلة العقيدات

لقبيلة العقيدات ثلاثة أخوة هم (كامل – كمال – زامل) أبناء غنام بن علي بن سالم الصهيبي، يتبعهم ابن عمهم محمد بن سالم الصهيبي الملقب بالساري، فمن كامل انحدرت عشائر البو كامل ومن كمال انحدرت عشائر البوكمال أما زامل فمنه الشعيطات وقد انضموا مع إخوانهم البوكمال أما محمد الملقب بالساري فمنه عشيرة البو سرايا.
 
وأهم شيوخ العقيدات هم: آل الهفل وآل الدندل والنجرس والجراح،ومن ضمن زعماء العقيدات الشيخ خليل العبود الجدعان الهفل، والشيخ جميل الرشيد الهفل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى