وطنيات

من ذاكرة الوطن “اليوبيل الذهبي” لمعركة جزيرة شدوان والإغارة الثانية على ميناء إيلات

 

تحتفل مصر بمرور 51 عام على تلك الأحداث التى جسدت بطولات اذهلت العالم وكبدت العدو الإسرائيلى خسائر جسيمة

 

 

معركة “جزيرة شدوان”

“معركة جزيرة شدوان” إحدى المعارك مع العدو الإسرائيلى التى جسدت بسالة أهالى محافظة البحر الأحمر ومساندتهم للقوات المسلحة، والتى اعتبرتها الدولة عيدا قوميا لمحافظة البحر الأحمر، بدأت المعركة فى 21 يناير 1970، وتم إذاعة البيان العسكرى الخاص بالمعركة الذى جاء شارحا لها والذى نص على:

”قام العدو في الساعة التاسعة من صباح الخميس بهجوم جوي عنيف على جزيرة شدوان التي يبلغ طولها 16 كيلومترا ويتراوح عرضها بين الثلاثة وخمسة كيلومترات، ويوجد بها فنار مدني لإرشاد السفن ليلا منعا من اصطدامها بالشعب المرجانية، وقامت قواتنا بوضع عدد محدود من أفراد قواتنا البحرية والبرية لحراسة الفنار واشتركت أعداد كبيرة من طائرات العدو في مهاجمة موقع الفنار الذي يقع في جنوب الجزيرة وكذلك مساكن المدنيين الذين يقومون بإدارة الفنار”.

وأستمر العدو في القذف الجوي لمدة أربع ساعات متتالية مستخدما طائرات فانتوم وسكاي هوك الأمريكية الصنع، وتمكن تحت هذا الغطاء الجوي من إنزال كتيبة مظلات منقولة بالهليكوبتر في الطرف الشمالي من الجزيرة؛ حيث لا توجد أي قوات وتقدم العدو تحت ستار من القذف الجوي العنيف لإقتحام مواقع قوة الحراسة في جنوب الجزيرة وطلب من القوة المصرية أن تستسلم.

ورغم عنف القصف الجوي وما ترتب عليه من خسائر لدى قواتنا فقد رفض الرجال الإستسلام وقاتلوا العدو في بسالة وشجاعة نادرة من خندق إلى آخر وفي كل مكان حاول العدو أن يتقدم إليه.

وفي حوالي الساعة الواحدة من بعد ظهر الخميس أوقف العدو هجومه لعظم خسائره التي لم يكن يتوقعها رغم تفوقه الجوي والبري وبدأت قواته الجوية بقصف قواتنا مرة ثانية.

ثم إستأنف هجومه البري في حوالي الساعة الثانية من بعد الظهر؛ حيث تمكن من الوصول إلى منطقة جنوب الجزيرة حيث يوجد الفنار وجهاز رادار بحري صغير إنجليزي الصنع لإرشاد القوارب والسفن.

وأصيب هذا الجهاز نتيجة للقصف الجوي، وأستمر رجالنا الأبطال في مقاومة العدو وفي قتاله في كل مكان من الجزيرة بالرغم من خسائرهم.

وقام جنودنا من القوات البحرية ببطولات وتضحيات نادرة لتدعيم قوة الجزيرة رغم القصف المعادي.

وأستمر القتال طوال نهار الخميس بشدة بين رجالنا والعدو وقُدرت خسائر العدو بأكثر من 50 قتيلا وجريحا حتى مساء الخميس.

وعند هبوط الظلام أستخدم العدو المشاعل الملقاة من الطائرات ليتمكن من التغلب على مقاومة جنودنا بالجزيرة ومنع إمدادهم عن طريق البحر.

وأستمرت قواتنا في التلاحم مع العدو، وقامت قواتنا الجوية بقصف جوي في المنطقة الجنوبية من الجزيرة التي تجمَّع بها العدو وبها مركز قيادة قواته وتكبد العدو خسائر في المعدات والأرواح نتيجة لإغارة طائرتنا عليه.

وفي صباح اليوم التالى للمعركة أستمر العدو في محاولاته للسيطرة على الجزيرة ولكنه فشل رغم تفوقه العددي ورغم الإمدادات التي وصلت ليلا وذلك نتيجة للشجاعة التي أبداها رجالنا وتمسكهم بالأرض.

وبعد ظهر ذات اليوم بدأ العدو في الإنسحاب من الجزيرة وكان للبطولة التي أبداها جنودنا في القتال المتلاحم بالسلاح الأبيض الأثر الأكبر فيما تكبده العدو من خسائر فادحة أضطرته للتخلي عن فكرة البقاء في الجزيرة التي راودته وأعلنها عند بدء هجومه.

وكانت خسائرنا طوال القتال في المعركة حوالي 80 فردا بين شهيد وجريح ومفقود بما فيهم المدنيون الذين كانوا يديرون الفنار.

وقال بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية “إن القوات المسلحة المصرية تعتبر معركة جزيرة شدوان والتى دامت 36 ساعة متصلة في قتال متلاحم رمزا للصلابة والجرأة والفداء الذى وصل في هذه الجزيرة إلى أقصى حد”.

 

 

الإغارة الثانية علي “ميناء إيلات”

 

فى الخامس والسادس من شهر فبراير 1970 تم رصد السفينتين الإسرائيليتين “بيت شيفع” و”بات يام” من قبل المخابرات الحربية المصرية، وصدرت الأوامر لرجال القوات الخاصة البحرية “الضفادع البشرية” بالاستعداد والتحرك لتنفيذ مهمة تدمير السفينتين، ولتضليل العدو توجهوا إلى العراق، ومنها إلى عمان ثم إلى العقبة بمساعدة منظمة التحرير الفلسطينية، ثم إلى شاطئ ميناء العقبة بمساعدة أردنية، برفقة المعدات العسكرية والألغام، وفور الوصول لمسرح العملية، تم تقسيم عناصر التنفيذ إلى مجموعتين، المجموعة الأولى تضم الملازم أول رامي عبدالعزيز والرقيب فتحي محمد (الذي لم يستطع إكمال المهمة)، وذلك لمهاجمة السفينة “بات يام” والمجموعة الثانية تضم الملازم أول عمرو البتانوني والرقيب على أبو ريشة، وذلك لمهاجمة السفينة “بيت شيفع”، ثم بدأ الملازم أول رامي عبدالعزيز منفردا بعد أن رفض إلغاء عمليته، والمجموعة الثانية فى الغوص والإتجاه نحو ميناء إيلات الحربي لتنفيذ المهمة.

وأستطاعوا تفادي الدوريات الإسرائيلية التي تقوم بحراسة السفينتين، وقاموا بوضع الألغام في المكان المناسب، وبعد إبتعادهم عن موقع التفجير، أنفجر اللغم الأول ليحول السفينة “بات يام” إلى قطعة من اللهب وتتفتت وتغرق، أما سفينة “بيت شيفع” فنتيجة لتفجير “بات يام” قبل تفجير “بيت شفيع” بعشرة دقائق تنبهت القيادات الإسرائيلية، فأعطت أوامرها لتتحرك السفينة إلى منطقة ضحلة بالميناء حتى لا تغرق، وعلى الرغم من أنفجار لغمين بها محدثين تلفيات شديدة بها، إلا أنها لم تغرق عكس سفينة “بات يام” التي أغرقها لغم واحد، وعقب وصول أفراد المجموعتين إلى شاطئ العقبة بما فيهم الرقيب “فتحي محمد”، سلموا أنفسهم للسلطات الأردنية، التي قامت بترحيلهم إلى عمان وأحتجازهم داخل مبنى المخابرات الأردنية، وفور حصول المخابرات الحربية المصرية على معلومات بأن مجموعة التنفيذ داخل الأردن، خاطبت نظيرتها الأردنية لحمايتهم وتسهيل عودتهم إلى مصر، إلا أن المخابرات الأردنية نفت علمها بأي معلومات عنهم، وفى تلك الأثناء كانت القمة العربية منعقدة بالقاهرة فطلب الرئيس جمال عبدالناصر من الملك حسين ملك الأردن الإفراج عنهم فورا، وبالفعل أستلمتهم السفارة المصرية وأعادتهم إلى القاهرة سالمين.

بطولة الملازم أول رامي عبدالعزيز التي أذهلت العالم

كُلف الملازم أول رامي عبدالعزيز والرقيب فتحي محمد بمهاجمة السفينة “بات يام” فى الإغارة الثانية على ميناء إيلات، وأثناء بدء تنفيذ العملية ، أكتشف رفيقه الرقيب فتحى محمد نفاد خزان الأكسجين بأسطوانة التنفس، وهو الأمر الذى سيؤدى إلى فشل المهمة لصعوبة تنفيذها حال كون العملية ترتكز على قيام الرقيب فتحي بحمل اللغم تحت الماء بينما يتولى الملازم أول رامي ضبط البُوصلة أثناء الغوص في اتجاه الهدف، وهو أمر بالغ الصعوبة والتعقيد والدقة، فقام بطلنا العظيم برفض إلغاء العملية وتولى بمفرده السباحة والغوص لمسافة تجاوزت 12 ميلا بحريا، وحمل اللغم وضبط البوصلة وهاجم بمفرده الهدف (بات يام) وقام بتلغيمها، ثم عاد لنقطة الإنزال وتم تدمير الهدف تماما وأغراقه، ويعد هذا العمل البطولي خارقا لكل قوانين قتال رجال الضفادع البشرية في التاريخ وما زال يُدرس بكل مؤسسات العالم العسكرية حتى الآن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى