تاريخ ومزارات
القبة الفداوية.. أبرز المعالم الإسلامية في قاهرة المعز

تقع القبة الفداوية فى منطقة العباسية بالقاهرة، أنشأها الأمير يشبك بن مهدي أحد أمراء المماليك الجراكسة، وكان الأمير فى الأصل أحد مماليك الظاهر أبو سعيد جقمق، وتقلب فى عهده فى عدة وظائف، وعين كاشفًا للصعيد في عهد الظاهر خوشقدم، وفي أيام السلطان قايتباى وصل إلى أرقى المناصب فعين دويدارا وأسندت إليه أيضا الوزارة والاستادارية (نظام الخاصة الملكية) وصار صاحب الأمر والنهي فى الدولة.
إنشاء القبة الفداوية
وكان يشبك محباً للعلوم والفنون شغوفاً بالعمارة والتنظيم، فعمل على إصلاح الطرق وتوسيعها وتجميل الواجهات المطلة عليها. وقد أمر الأمير يشبك بإزالة القبور والدور الممتدة بين العباسية وحي الحسينية. وأن يتم إنشاء مناظر (جمع منظرة وهى استراحة للنزهة) مكانها وحوض كبير وقبة كبيرة أمامها بساتين ومشاتل.
وأقام إلى الجنوب من هذه القبة تربة كبيرة ألحق بها مساكن للصوفيه وشيخهم. وبنى تجاه التربة مسجدًا وسبيلًا وحوضًا لشرب الدواب. ثم شق ترعة كبيرة لتوصيل المياه إلى البساتين حتى صارت المنطقة من أبهج المتنزهات. ولم يبق منها سوى القبة التى نتكلم عنها الآن، وقد أنشأها سنة 884 هجرية /1479/ 1480 م.
الهدف من إنشائها
وتوفى الأمير يشبك سنة 885 هجرية/ 1480م، ولما تكمل بعض أعمال بداخلها، إذ يقول ابن إياس إن الملك الأشرف قايتباى زارها فى سنة 886 هجرية/1481م وأمر الأمير تغرى بردى بأن يكمل عمارتها، وكان الغرض الأصلى من إنشاء هذه القبة هو أن تكون منظرة ينزل بها يشبك أو السلطان للراحة والرياضة وأقيم بها محراب للصلاة.
مواصفات القبة الفداوية
ومنظر القبة من الخارج بسيط وقاعدتها المربعة مبنيّة بالحجر وبوجهتها القبلية المدخل، والقبة مبنية بالطوب وليس بها زخارف سوى صف من الشبابيك المعقودة والمفتوحة برقبتها، ويتوصل إلى المدخل ببعض درجات من الرخام، وتغطي المدخل مقرنصات جميلة كتب بأسفلها آية قرآنية ثم اسم قايتباى وأدعية له.
كما كتب اسم قايتباي أيضًا فى طراز مكتوب على يمين و يسار المدخل، وهذا المدخل يؤدي إلى مربع فسيح طول ضلعه 14.30 متراً تغطيه القبة. وأهم ما يلفت النظر فيها منطقة الانتقال من المربع إلى استدارة القبة. فهى تتكون – فى كل ركن من أركان المربع- من عقد كبير ينتهى بمقرنصات ويحتضن طاقية مزخرفة أسفلها طاقتان.
ونجد فى هذه القباب عموماً مقرنصات متعددة الحطات تنقل المربع إلى الاستدارة، ويعلو منطقة الانتقال فى هذه القبة طراز مكتوب به آيات قرآنية وأدعية للملك الأشرف قايتباي وفي نهايته تاريخ حج قايتباي سنة 884 هجرية، كما يغطى القبة ومنطقة الانتقال زخارف من الجص الملون، ويقوم مربع القبة على طابق أرضي مكوّن من ثلاث قاعات مستطيلة مغطاة بقبوات وبالجهة البحرية منه سلم يؤدي إلى أرضية القبة.
وعنيت لجنة حفظ الآثار العربية فى آخر القرن التاسع عشر بإصلاح هذه القبة وأخلت ما حولها، وفى سنة 1907م نقلت إليها منبر مسجد كاتم السر بشارع درب الجماميز بعد أن أصلحته، وهو المنبر الصغير الموجود الآن بالقبة.
سبب التسمية
واشتهرت هذه القبة باسم قبة الفداوية ولم تعرف باسم مؤسسها ولا يوجد نص صريح عن سبب هذه التسمية، وكل ما يمكن قوله هو إن الفداوية هى طائفة من الشيعة الإسماعيلية، يعتقدون كما يقول ابن فضل الله العمرى (أن كل من ملك مصر كان ظهيراً لهم ولذلك يرون إتلاف نفوسهم في طاعته، وكان لمشايعتهم هذه لملوك مصر أكبر الأثر في إرهاب أعدائهم، وكان من تقاليدهم أن من جبن عن أداء رسالته أو هرب، قتله أهله، ولا يبالى الفداوى أن يؤدى رسالته ولو قتل بعدها، وقد ورد قوانين دواوين المماليك البحرية أنه كان يدخل في اختصاص رئيس ديوان الإنشاء النظر في أمر الفداوية، وكان لملوك الإسلام عناية كبيرة بهم، وممن عنى بهم الملك الظاهر بيبرس البندقدارى، وكانوا محل عناية ملوك مصر وتقديرهم”.
وربما سميت هذه القبة باسمهم لأنهم كانوا يسكنون حولها باعتبارها واقعة فى أطراف القاهرة.



