المزيد

طرفة بن العبد.. الشاعر الذي قتلته قصائده

طرفة بن العبد.. الشاعر الذي قتلته قصائده

 

برع الشعراء في العصر الجاهلي في جميع أنواع الشعر، من مدح وغزل وهجاء وفخر، وكان من أبرز الشعراء الجاهليين وأبرعهم الشاعر طَرَفَة بن العبد، على الرغم من أنه تيتم في سن صغير وعاش طفولة قاسية بسبب ظلم أعمامه له، لكنه استطاع بأشعاره وقصائده أن يخرج نفسه من ضيق أعمامه ويتحرر من ظلمهم، وأن يخلد ذكراه إلى يومنا هذا.. تعرف على الشاعر الذي قتله لسانه!.

 

{نسب طرفة بن العبد}

 

طرفة بن العبد هو عمرو بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن بكر بن وائل، وطرفة هو لقبه الذي لقب به بعد وفاة والده، ومعناه المال الموروث

 

{حياة طرفة بن العبد}

ولد طرفة بن العبد في عام 539م في بلدة المالكية، وهي مدينة في البحرين حاليا، وكان من قبيلة وائل من بني بكر، واشتهرت عائلته بكثرة الشعراء فيها؛ فكان عم والده المرقش الأكبر شاعرا، وكذلك عمه المرقش الأصغر، وخاله المتلمس، كما كان له أخت من أمه تدعى الخرنق وكانت شاعرة أيضا.

مات أبوه وهو صغير ورباه خاله المتلمس الذي كان شاعرا بارعا؛ مما جعل طرفة يتقن الشعر وهو في سن صغيرة، ويرجح الكثير من المؤرخين أنه كان أصغر الشعراء سنا في عصره؛ مما ساعده على أن يكون شاعرا بارزا.

عندما مات أبوه حرمه أعمامه من أخذ ميراثه، وضيقوا عليه في العيش وظلموه هو ووالدته وردة بنت عبد المسيح؛ مما دفعه إلى الخروج على قبيلته والتمرد عليها، وبدأ في الإنفاق تبذيرا وإسرافا بعدما اعتزل قومه، حتى أنه ندد بأعمامه قائلا:

ما تَنظُـرونَ بِحَــقّ وَردَة َ فيكُــمُ صَغُرَ البَنونَ ورَهطُ وردة َغُيّبُ

 

كان طرفة بن العبد شاعرا ذكيا فخورا بشعره، وكان شعره يعتبر مصدر رزق له في كثير من المواقف بعد انشقاقه عن قومه؛ إذ يقال إنه لما فقد ماله واحتاج إلى مال قومه عمل راعيا للإبل لدى أخيه، ولكنه ضيع الإبل وهو يرعاها ذات يوم؛ فسخر منه أخوه وسأله إن كان يستطيع أن يرد الإبل بشعره، ففعل طرفة بن العبد ذلك؛ مما جعل أخاه يعطيه بعضا من إبله فظل ينفق منها ليكفي نفسه الحاجة والسؤال.

{شعر طرفة بن العبد}

استطاع طرفة بن العبد على الرغم من حداثة سنه أن يكتب من القصائد والأشعار ما لم يكتبه أحد قبله ولا بعده من الشعراء، كما أنه يعتبر من شعراء المعلقات المقدمين وكان شعره شعرا يدويا خالصا حسن الأسلوب متين التركيب، وكان يحب أيضا أن يضيف القليل من الإبهام إلى أبيات شعره.

وأكثر ما برع فيه طرفة بن العبد من الأشعار هو شعر الفخر والحكمة، والهجاء أيضا، وكان يستمد شعره في الحكمة من تجاربه الشخصية التي عاشها ومعاناته مع أعمامه لظلمهم له بعد وفاة والده؛ حيث كتب كثيرا عن الموت والحياة والفقر والغنى، وكان كثير اللوم على الأغنياء البخلاء

 

{وفاة طرفة بن العبد}

 

سبب مقتله أنه هجا عمرو بن هند وقابوس أخاه بقصيدته التي منها:

فَلَيتَ لَنا مَكانَ المَلكِ عَمروٍ رَغوثاً حَولَ قُبَّتِنا تَخورُ

((رَغُوث- الشاة أو البهيمة لا تَكاد تَرْفَعُ رأْسها من الـمِعْلَفِ .

ومنها :

لَعَمرُكَ إِنَّ قابوسَ بنَ هِندٍ لَيَخلِطُ مُلكَهُ نوكٌ كَثيرُ

الـحماقة . ورجل أَنْوَكُ و مُسْتَنْوِك أَي أَحمق .

فوصل خبر هذه القصيدة لعمرو بن هند فغضب غضبًا شديدًا ولكنه أخفى ذلك وأظهر حسن نيته بطرفة ولم يكن يعلم طرفة بخبر وصول القصيدة إليه. فأرسل عمرو بن هند طرفة وخاله المتلمس – وكان المتلمس أيضًا قد هجاه منذ زمن ونسي ذلك _ إلى عامله في البحرين يُدعى المكعبر مع كتابيْن اثنين الكتاب الأول يوصله المتلمس والكتاب الثاني يوصله طرفة، وقد أخذ كلٌّ منهما الكتاب دون قراءته، وفي طريقهما إلى المكعبر وجدا غلاماً؛ فطلب المتلمّس من الغلام قراءة الكتاب، فقرأ الغلام (من عمرو بن هند إلى المكعبر إذا جاءك كتابي هذا مع المتلمس فاقطع يديه، ورجليه، وادفنه حيّاً)، فرمى المتلمس الكتاب في النهر، وقال لطرفة بأنّه يملك مثلها، إلّا أنّ طرفة قال: (ما كان ليفعل ذلك في عقر داري)؛ فوصل طرفة المكعبر؛ فقطع يديه ورجليه ودفنه حياً وتوفي طرفة بن العبد عن عمر يناهز 26 عاما. ولذلك لُقب بابن العشرين، والغلام القتيل؛ لأنه قُتل وهو ما زال صغيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى