حوارات و تقارير

إقليم «ياميت» الإسرائيلي..إطلالة بسيناء شاهدة على الانتصار المصري والخيبة الإسرائيلية 

محمود الشوربجي

أقام العدو الإسرائيلي خلال فترة احتلاله لشبه جزيرة سيناء ــ الذي امتد من عام 1967م وحتى 1982م ــ عدة مناطق استيطانية في شمال وجنوب سيناء، كان أكبرها إقليم «ياميت» الواقع على ساحل البحر المتوسط في المنطقة الممتدة من غرب مدينة الشيخ زويد حتى رفح في شمال سيناء، الذي ضم العديد من المستوطنات داخله، بالإضافة إلى أربعة مستوطنات أخرى أقامتها إسرائيل على طول خليجي العقبة والسويس، تم إخلاء آخرها في أبريل 1982م تنفيذاً لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر والاحتلال الإسرائيلي.

«إقليم ياميت» وعُرف بـ «بوابة رفح»، كان من أكبر التجمعات الاستيطانية في شبه جزيرة سيناء قاطبة، وضم هذا الإقليم نحو 15 مستوطنة أخرى، أكبرها مدينة «ياميت»، تلك المدينة التي ما زالت أطلالها حتى اليوم على ساحل البحر المتوسط في مدينة الشيخ زويد.

وبحسب الروايات التاريخية فإن إسرائيل كانت تخطط للإبقاء على هذا الإقليم الاستيطاني تحت سيادتها وعدم تسليمه لمصر عقب توقيع اتفاقية السلام إلا أنها لم تتمكن من فعل ذلك.

وأقيمت مدينة «ياميت» البحرية في منتصف السبعينيات في القرن الماضي، وكانت مركزًا وعاصمة لإقليم «ياميت» الاستيطاني، ولهذا السبب حمل الإقليم نفس الاسم.

لقد كان هدف العدو الإسرائيلي من إنشاء هذه المدينة هو عزل وإحاطة قطاع غزة بالمستوطنات، كنوع من الحصار والحد من توسعته في المستقبل، وكذلك للربط بين إقليم النقب من جهة وسيناء من جهة أخرى.

كان الإسرائيليين يخططون لإنشاء مدينة كبيرة على ساحل البحر المتوسط ممتدة إلى الشرق والغرب لتصبح ثالث أكبر مدينة ساحلية له بعد «تل أبيب» و«حيفا».

هذا وأول بؤرة استيطانية أقيمت في هذا الإقليم كانت مستوطنة «سادوت» والتي عُرفت فيما بعد بمستوطنة «الحقول»؛ حيث أُقيمت البنية التحتية لها بعد عامين من احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء، وذلك في عام 1969م، كانت أرضها تستغلها قبيلة «الرميلات» أحدى القبائل البدوية الكبيرة، وتم تهجيرها قسرًا، وكان يرغب الإسرائيليون في تشغيل أفرادها كعمال في المستوطنة عند الانتهاء من إنشائها في عام 1971م، إلا أنهم رفضوا ذلك وهجر منهم من هجر، وبقي آخرون حول المنطقة بدافع عدم التخلي عن الأرض التي هي جزء كبير من الوطن مصر.

وبدأت الأسر تتوافد للإقامة في هذه المستوطنة بلغ إجماليهم في ذلك التوقيت 18 أسرة، عملوا في زراعة الطماطم، التي كان يتم تصديرها إلى خارج مصر، وأصبحت هذه المستوطنة مهمة جدًا للعدو الإسرائيلي نظرًا لأهميتها اقتصاديًا، الأمر الذي شجع على إقامة باقي مستوطنات إقليم ياميت واحدة تلو الأخرى، وفي عام 1981م وبعد أن زادت عدد الأسر إلى أكثر من 60 أسرة في فترة الـ 10 سنوات، أمرت السلطات الإسرائيلية بإخلاء هذه المستوطنة فورًا، بعد اكتشافها لآبار نفط أطلقت عليها حقل «سادوت» ، ومن ذلك سميت بـ «الحقول» أو «حقول سادوت».

هذا وضم إقليم ياميت مستوطنات أخرى صغيرة تابعة للإقليم بهدف توسيع دائرة الاستيطان، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل بعد رفض القبائل في مؤتمر الحسنة تسليم سيناء لهم وتمسكوا بأنها جزء أصيل من الوطن مصر.

وعقب نجاح مصر في استرداد تلك المساحة بالتحكيم الدولي الذي ألزم الإسرائيليين بتسليمها لمصر، قام الاحتلال بتدمير جميع مباني المستوطنات بالكامل قبل تسليمها للمصريين باستثناء مستوطنة «ناءوت سيناي»، ولا تزال آثار أنقاض بنايات المستوطنات موجودة إلى هذا اليوم شاهدة على الانتصار المصري.

إخلاء المستوطنات

استمرت المواجهات بين السلطات الإسرائيلية والمستوطنين تحت قيادات حاخاماتهم لمدة ثلاثة أيام، فقد قاوم نحو ألفي مستوطن الجيش الإسرائيلي، وحينما اضطر الجيش إلى إلقاء عبوات الغاز المسيل للدموع، انتاب الشبان حالة من الذهول وفر معظمهم على أثرها، إلا أن مجموعة الشباب التابعة لـ«رابطة الدفاع اليهودية»، والتي كان يتزعمها الحاخام المتطرف «مائير كاهانا» التفت حول زعيمها مهددين بالانتحار حال مس كاهانا أذى، إلا أن القوات نجحت في إجلائهم في النهاية.

وتطلبت عملية إجلاء المستوطنين نحو 20 ألف جندي، ونحو ألف شرطي للقضاء على آخر المقاومين، وفي 23 أبريل قامت نحو خمسين جرافة بتدمير ياميت، التي عادت للسيادة المصرية 25 أبريل 1982، وانتقل غالبية مستوطني ياميت لمستوطنات قطاع غزة، وأقاموا بمستوطنة «نيفي ديكاليم»، ووضعوا جدارية بطول عدة أمتار عند مدخل كنيس المستوطنة، وسميت بـ«جدارية ياميت».

لتنتصر بذلك الدبلوماسية المصرية على الغطرسة الإسرائيلية، وتثبت للعالم أجمع أن مصر رمز للحرب والسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى