مفردات التراث السيناوي.. “الجاعد” غطاء البدو في فصل الشتاء
حاتم عبدالهادي السيد
يعد “الجاعد السيناوي” مدفأة البدوي في الصحراء، فهو غطاء يقي من البرد، كما يعد أحد الملابس التي يرتديها في فصل الشتاء. والبدوي لا يستغني عن الجاعد كذلك طوال العام فهو يستخدمه ككليم طبيعي مصنوع من جلد الخراف والإبل، ومن بعض جلود الماعز كذلك .
كما يتم فرش الجاعد في الموائد والولائم دليل الكرم، واحتفاء بالضيوف، ونظراً لمكانته الرائدة غي نفوس البدوي ومنافعه أصبح الجاعد يرافقه في كل نكان فوق ظهور الابل كنوع من التباهي بتراث الأصالة، كما يتم فرش الطعام فوقه اعزازاً للضيوف ، بدلاً من ” الطبلية ” وهذا لمكانة الضيف والترحيب به . ، كما يتم استخدامه كتحف فنية بعد تعليقه علي حوائط الجدران في منازل الأثرياء ليرمز للأصالة والبداوة والتراث. كما يعد الجاعد بمثابة حوض الماء، أو مكان لتجميع وحفظ الماء إذا تعذر وجود ” جابية ” أو مكان يتم فيه احتجاز الماء كي لا يتسرب إلي الأرض .
جلد الخرفان وصناعة الجواعد البدوية
الجاعد لمن لا يعرفه، قال الباحث السيناوي حسن سلامة : “هو قطعة جلد خروف أو نعجة ، يتم تفريغها من اللحم كي تستخدم بعد أن تنظف وتنشف، ثم تدهن بالملح والدقيق وتوضع في الشمس كي تتماسك وتنتهي آثار رائحة اللحم منها، وتستخدم كغطاء جيد في الشتاء”.
والجاعد مازال منذ مئات السنين حافظاً لمكانته في صدارة المجالس وعلى ظهور الأصايل ،وعلى أكتاف آباءنا إلى وقت أطول لذلك اهتم البدو بالجاعد وجعلوه رمزاً تراثياً وغطاءً شتوياً وواقياً للعوامل الجوية ومدفئتا في البرد القارص .
صناعة الجاعد
يعد الجاعد أحد الصناعات الحرفية التي تميز بدو سيناء ويستخدم من جلود الضأن والخراف الكبيرة، وكذلك الإبل ،فبعد أن يسلخ جلد الضأن ينظف جيد من الشوائب والدهون المتبقية فيه ويغسل جيداً من ثم يوضع على تل من الرمال ويترك في الشمس لمدة أسبوع ويفرك بالدقيق لإبعاد الرائحة الدهنية عنه وبعد ذلك يتم دباغه الجلد بالرمان ليطهر من كل ما علق به من شوائب و يترك لمدة اسبوعين في الهواء والشمس حتى يجف الجلد تماماً وبعد ذلك يدهن بالزيت حتى يظل طرياً وبهذه الصورة من الدباغة يبقى ( الجاعد ) سنين على ما هو عليه يلين في الشتاء ويبقى في حرارة الصيف ، ويظل ليناً اطول فترة ممكنه.
وبعد عملية الدباغ يربط بحبل صغير من مكان ذراعي الشاه ويعلق على ظهر الرجل او تحت الابط ايضاً قديماً كانت تكثر الصحراء عمليات ولائم بين القبائل وكانت في السابق يتم تقسيم اللحم على الحضور في ما يطلق عليه (التبويب) وكل شخص يأخذ رغيف من الخبز وعليه قطعه من اللحم وهو جلوس في حلقه دائريه وبذلك يستدير البدوي جاعده من على ظهره ويضع الطعام فوقه و ايضاً اثناء سراحتهم مع الإبل لا يجدون إناء يحلبون فيه فيقوم بوضع الجاعد على كوعه في شكل اناء و يحلب الناقه عليه.
ويضيف سلامة، أن الجاعد هو جلد الخروف «يفضل الخروف الصغير» بعد سلخه وتنظيفه جيدًا من الشحم والدهن ثم تثبيته في الأرض ووضع الملح والشبه عليه وتركه في الشمس والهواء الطلق لمدة تتراوح بين 3 إلي 7 أيام، حتى يجف تمامًا، ثم تنظيفه مرة أخرى عن طريق الدباغ باللبن الرايب وغسيل صوفه وتمشيطه بـ«المشاق» وهو مشط قاسي وكبير.
كما أكد محمود عبد العزيز، الباحث في التراث السيناوي، أن تجارة «الجواعد» تزدهر في مواسم معينة مثل بداية دخول فصل الشتاء وعقب عيد الأضحى المبارك، حيث تمتهن كثير من الأسر صناعة الجاعد وبيعه في الأسواق، خاصة سوق الخميس بالعريش، حيث يقبل على شراءه كبار السن وأصحاب الذوق الرفيع.