قصة زيارة “جيرارد فيلبس “«ملك المصابيح» للقاهرة و.. قصة «اللمبات» و«الكلوب» في مصر
قصة زيارة “جيرارد فيلبس “«ملك المصابيح» للقاهرة و.. قصة «اللمبات» و«الكلوب» في مصر
مجلة الصباح عن زيارة جيرارد فليبس للقاهرة عام 1935م
في فبراير عام 1935م قرر جيرارد فيلبس زيارة القاهرة، وقد لقبت الصحف والمجلات المصرية فيليبس بـ”الرجل الذي يُنير العالم”؛ لدوره الكبير في إنتاج مصابيح كهربائية قبعت في منازل وشوارع العالم أجمع، وكانت لها الدور الكبير في الحرب العالمية الأولى، وإنقاذ العالم من الظلام؛ بسبب الدمار الذي لحق بالبشرية.
وقالت مجلة “الصباح” إن من ضيوف مصر الآن الدكتور فيليبس، وقد هبط للراحة بعيدا عن مصانعه الهائلة التي أسسها، والدكتور جيرارد فيليبس هولندي الأصل، وقد أسس مصانعه الشهيرة حين شاعت الكهرباء، وإذا كان أديسون خدم الإنسانية باختراع الكهرباء، فإن فيلبس أسدى للبشرية خدمة بابتكار أنواع من المصابيح الكهربائية التي حملت اسمه، حيث ظهر أول مصباح يحمل اسم فيلبس عام 1894م، حيث كان يعمل مع أخيه أنطوان في مصنع أسسه يحوى 35 عاملا فقط، وقد كان المصنع يُنتج 500 مصباح كهربائي في اليوم، وقد أسس مصانع أخري حتى بلغ عدد العاملين نحو 18 ألف عامل تنتج نحو ربع مليون مصباح يوميا.
وأثناء الحرب العالمية الأولى، استطاع فيلبس معالجة الأضرار والدمار التي نتجت نتيجة تهشم المصابيح وانقطاع التيار الكهربائي، وقد تعدت مساهماته الكهرباء للراديو واللاسلكي.
وفي وقت زيارة فيليبس، صاحب الماركة الشهيرة في مصابيح الإنارة كانت مصر قد عرفت منذ زمن طويل الإضاءة الكهربائية بشكلها القديم، سواء القائمة على غاز الاستصباح في المدن الكبرى، أو القائمة على استخدام مصابيح البترول والغاز “الكلوب” كما يُطلق علي اسمه في الريف.
وتوضح مذكرة محمد افندى سليمان التي ألقاها بدار مدرسة الطب عام 1922م والتي تنشر “بوابة الأهرام” مقتطفات منها، تاريخ الكهرباء في مصر، حيث يؤكد سليمان أنه في عام 1865م تعهدت شركة “ليبون” الفرنسية بإضاءة القاهرة بمصابيح من الغاز، والتي كانت تستعمل في باريس، واشترطت الحكومة المصرية في عقدها ألا تزيد المسافة بين مصباح وآخر في الشارع على 30 مترا، وأن تكون الإضاءة في اليوم 8 ساعات فقط، وألا يقل عدد المصابيح في القاهرة عن 3800 مصباحا.
وقد اختصت شركة “ليبون” توريد الغاز للإضاءة في الشوارع، وقد وافقت بعد إلحاح كبير على تخفيض دخول الخدمة عام 1914م، وجدت الحكومة المصرية أن مصابيح الغاز ليست وافية، وخاصة وقت الحرب العظمى الأولى، فطلبت الحكومة من شركة “ليبون” استبدال مصابيحها من الغاز بأخرى جديدة، وقبلت الشركة بشرط أن دفع الحكومة ثمن الفرق.
وظهرت فى القاهرة وخاصة شوارع عماد الدين والشوارع المتقطعة منه مصابيح ذات الرناين المعكوسة، وقوتها تقرب من 230 شمعة، حيث كان هذا النوع أقل استهلاكها للغاز.
أما في الأرياف والمقاهي والأفراح الشعبية كان الأهالي يستخدمون حرارة البترول، حيث يوضع البترول في خزان مخصوص، وعليه طبقة من الهواء فيضغط هذا الهواء بمضغة بيد صغيرة فيندفع البترول في ماسورة رفيعة متينة إلى المصباح فيدخل في عدد من المواسير ليمر منها قبل أن يصل إلى الراتينة فتتم الإضاءة، وهذا النوع يعرف بـ”الكلوب”، وقد استمر في أرياف الصعيد والدلتا حتى وقت متأخر، وارتبطت به مهنة لحام الصفيح والقصدير.
الحكومة المصرية وجدت أن كمية الضوء الحقيقية في المصابيح أقل مما يماثلها في أوروبا، مما جعلها تضغط على الشركة لعمل تجارب، وقد وافقت الشركة على بعمل مصابيح تماثل مصابيح بريطانيا وأوربا، وقد توصلت لطريقة جديدة تجعل الضوء ماثلا للاصفرار قليلا وتعطى إضاءة تماثل النور الأبيض، وقد كانت هذه الطريقة تماثل لحد ما مصابيح أوروبا.
وفى وقت الحرب العظمى رفعت الشركة ثمن الاستهلاك، إلا أنها اكتشفت أن عدد المشتركين في خدمة الكهرباء قليل جدا في القاهرة وتناقص، وصممت الشركة على رفع السعر، ولم تهبط في السعر إلا بعد الهدنة والسنين الأخيرة في الحرب العالمية الأولى أوائل سنة 1921م.
وأوضحت مجلة “الصباح” التي استرسلت في إسهامات جيرارد فيليبس، الرجل الذي يُنير العالم في أوروبا أن مصابيحه اقتحمت كل دار ومنزل في أوروبا، إلا أنه في سنة 1922م انسحب جيرارد فيلبس من العمل للراحة وترك مصانعه لشقيقه، وقد استمرفيليبس في جولاته في العالم ومنها مصر التي اختارها لجوها الصحي ولزيارة آثارها الخالدة.