حرفة نسج بيت الشعر البدوي.. صناعة الخيام من وبر الإبل وصوف الأغنام
أسماء صبحي – الخيمة البدوية أو ما يعرف بـ بيت الشعر ليست مجرد مأوى يحتمي به البدو من قسوة الصحراء بل هي رمز للهوية والكرم والاستقلال. وهذه الخيام السوداء المنسوجة من وبر الإبل وصوف الأغنام تعتبر من أهم الحرف البدوية التقليدية التي شكلت ملامح الحياة الصحراوية عبر قرون طويلة. حرفة نسج بيت الشعر لم تكن صناعة عابرة بل إرثاً متوارثاً بين الأجيال تقوم به النساء غالباً، ليصبح جزءاً أصيلاً من حياة القبيلة.
حرفة نسج بيت الشعر
تمر هذه الحرفة بعدة مراحل دقيقة تبدأ بجمع المواد الخام وتنتهي ببناء الخيمة:
- جمع وبر الإبل وصوف الأغنام: يقوم البدو بجمع الوبر والصوف في مواسم معينة ثم يتقى وينظف من الشوائب.
- الغزل: تغزل الخيوط يدوياً باستخدام أدوات بدائية مثل المغزل الخشبي، وهي مرحلة تحتاج إلى دقة وصبر.
- النسيج: يستخدم النول (آلة النسيج التقليدية) لتحويل الخيوط إلى قطع كبيرة تعرف بـ “شقق”، يتم وصلها معاً لتشكيل جدار أو سقف الخيمة.
- الصباغة الطبيعية: تستعمل أحياناً ألوان طبيعية مستخلصة من النباتات أو التربة لإضفاء ألوان زاهية على بعض أجزاء الخيمة.
- التجميع: تربط الشقق المنسوجة معاً لتكون بيت الشعر الذي يمكن فكه ونقله بسهولة ليتناسب مع طبيعة الترحال.
الرمزية الثقافية
بيت الشعر البدوي لم يكن مجرد خيمة للإيواء، بل ارتبط بعدة رموز اجتماعية:
- رمز الكرم: حيث يخصص جزء من الخيمة يسمى المضافة لاستقبال الضيوف.
- رمز الهوية: فالخيمة السوداء من وبر الإبل تعكس ارتباط البدو بالصحراء.
- رمز القوة والمرونة: بفضل تصميمها البسيط وقدرتها على مواجهة العواصف والأمطار.
الدور الاجتماعي للنساء
كن النساء البدو العمود الفقري لهذه الحرفة فهن اللواتي يقمن بالغزل والنسج وتجميع الخيوط. وهذا الدور لم يكن مقتصراً على الجانب العملي فقط بل كان جزءاً من المكانة الاجتماعية للمرأة البدوية. حيث تقدر العروس بمهارتها في صناعة بيت الشعر.
ومع تطور العمران ودخول الخيام المصنعة من مواد صناعية، تراجعت هذه الحرفة التقليدية. لكن في السنوات الأخيرة بدأت بعض المبادرات في الأردن وفلسطين وشبه الجزيرة العربية لإحياء هذه الصناعة باعتبارها جزءاً من التراث غير المادي..كما تعرض خيام بيت الشعر في المهرجانات والفعاليات التراثية لجذب السياح.
تقول الدكتورة هالة عبد الرحمن، الباحثة في التراث البدوي، إن حرفة نسج بيت الشعر ليس مجرد حرفة بل هو سجل حي لثقافة البدو وطريقتهم في التكيف مع البيئة الصحراوية. وما يميز هذه الصناعة هو اعتمادها الكامل على الموارد الطبيعية المحلية ودور النساء المحوري في حفظ هذا التراث. كما إن الحفاظ على هذه الحرفة اليوم يمثل حفاظاً على هوية شعبية عريقة.



