أول من بدأ “شجرة الميلاد”.. هكذا احتفل المصريون القدماء برأس السنة

بينما يستعد العالم لوداع عام مضى واستقبال عام جديد، تتزين البيوت والشوارع في مختلف الدول خلال هذا التوقيت من كل عام بأشجار عيد الميلاد المبهجة، التي تزين بالديكورات والأضواء، في مشهد يعكس أجواء احتفالية تبعث على البهجة وتشير إلى طقوس راسخة ارتبطت ببداية العام الجديد.
غير أن ما قد يجهله كثيرون هو أن الاحتفال برأس السنة يعود بجذوره إلى الحضارة المصرية القديمة، وأن الربط بين هذه المناسبة وشجرة مزينة كان معروفًا لدى قدماء المصريين قبل آلاف السنين.
عيد “إبت رنبت”
وفي هذا الإطار، كشف الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات أحمد عامر، أن المصريين القدماء كانوا يحتفلون برأس السنة من خلال عيد أطلقوا عليه اسم «عيد إبت رنبت»، أي رأس السنة المصرية القديمة، لافتًا إلى أن سكان مدينة طيبة كانوا يترقبون حلول الشهر الثاني من فيضان النيل للاحتفال بميلاد العام الجديد، حيث تبدأ الاستعدادات لاستقبال ابن المعبود “آمون” في موكب مهيب، ينطلق من معبد الكرنك متجهًا إلى معبد الأقصر.
وأشار “عامر”، إلى أن مهرجان أو عيد “الأوبت” أو “الإبت” كان يتضمن اصطحاب تماثيل “آمون” و”موت” و”خونسو”، حيث يبدأ الاحتفال من معبد “آمون” في الكرنك وصولًا إلى معبد الأقصر، في رحلة تتجاوز الكيلومترين، في مشاهد تذكر بما شهدته الأقصر في عام 2021 خلال احتفالات “موكب طريق الكباش”.
بط وإوز ونبيذ
كما أوضح “عامر”، أن المصريين القدماء اعتادوا تبادل التهاني في عيد رأس السنة بعبارة “سنة خضراء”، تعبيرًا عن الحياة المتجددة، كما رمزوا لهذه الفكرة بشجرة خضراء، مضيفًا أن العيد كان يصاحبه كرنفال للزهور ابتكرته الملكة كليوباترا، ليصبح أحد مظاهر الاحتفال، خاصة عندما تزامن جلوسها على العرش مع حلول رأس السنة.
وفي هذه المناسبة، كان المصريون يتناولون كميات كبيرة من البط والإوز والأسماك المجففة والنبيذ، مقارنة بما كانوا يستهلكونه على مدار العام، وهو ما وثقته الجداريات المصرية القديمة على جدران معبد “دندرة” ضمن مشاهد الاحتفال برأس السنة.
كما اعتبر المصريون القدماء هذا العيد، خلال عصر الدولة الحديثة، ذا طابع دنيوي، فخرج من نطاق الأعياد الدينية وأصبح من الأعياد الشعبية.
شجرة الكريسماس “مصرية”
أما عن شجرة عيد الميلاد أو “شجرة الكريسماس” المعروفة حاليًا، فقد أكد الخبير الأثري المصري أن أصلها يعود إلى الحضارة المصرية القديمة.
وأشار “عامر”، إلى ما ذكره العالم جيمس هنري في كتابه “فجر الضمير”، حول ارتباط الشجرة بعودة “إيزيس” إلى الحياة، وتجسيد فكرة البعث بعد الموت في صورة شجرة خضراء، وهو ما نتج عنه عيد سنوي يتمثل في رفع شجرة مقتلعة وغرسها في الأرض خلال احتفال كبير تخليدًا لهذه المناسبة.
كما نقل عن ويليام نظير في كتابه “العادات المصرية بين الأمس واليوم” أن المصريين اعتقدوا أن المعبود “أوزير” في الحضارة المصرية القديمة، وصاحب أسطورة الصراع بين الخير والشر، يمثل القوة التي تمنحهم الحياة والرزق، وأنه رمز للأرض السوداء التي تنبت منها الحياة الخضراء.
وقد صوروه وقد خرجت سنابل الحبوب من جسده، كما عبروا عن فكرة الحياة المتجددة من خلال شجرة خضراء، وكانوا يقيمون احتفالًا سنويًا كبيرًا ينصبون فيه شجرة يزرعونها ويزينونها بالحلي، على غرار ما يفعله الناس اليوم مع شجرة الميلاد.



