تاريخ ومزارات

الشيخ محمد محمود الطبلاوي… سيرة قارئ من أعظم أعلام تلاوة القرآن في العصر الحديث

 

كتبت شيماء طه

يُعد الشيخ محمد محمود الطبلاوي واحداً من أبرز قرّاء القرآن الكريم في العالم الإسلامي، وقد ترك بصمة خالدة في فن التلاوة بصوته المميز وأسلوبه المتفرد الذي جمع بين القوة والخشوع والالتزام بأحكام التلاوة. يحتل الشيخ الطبلاوي مكانة مرموقة بين عمالقة القراءة، ويُعتبر مرجعاً أساسياً لكل باحث أو مهتم بعالم القرّاء وروائع الأداء القرآني الرفيع.

 

وقد أسهمت تلاواته المنتشرة عبر الإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام الرقمية في تخليد صوته وترسيخ أثره الممتد عبر الأجيال.

وُلِد الشيخ الطبلاوي في 14 نوفمبر 1934 في قرية ميت عقبة بمحافظة الجيزة، ونشأ في بيئة محبة للقرآن، فحفظه كاملًا قبل أن يبلغ التاسعة من عمره. وتلقّى دروس التجويد والقراءة على يد كبار الشيوخ، ما أكسبه قاعدة علمية راسخة انعكست في دقة أدائه وانضباطه في مخارج الحروف والطبقات الصوتية. وبرغم الصعوبات التي واجهته في بداياته، فقد استطاع أن يشق طريقه بثقة ليصبح من أبرز أعلام القراءة في مصر والعالم العربي.

امتاز الشيخ محمد الطبلاوي بخامة صوت قوية وطبقة رنانة، إضافة إلى قدرته البارعة على الانتقال بين المقامات القرآنية دون تكلّف أو مبالغة. وقد جعله هذا الأسلوب المميز محبوباً لدى ملايين المستمعين الذين رأوا فيه قارئاً يجمع بين المدرسة المصرية الأصيلة وروح الأداء المتجدد. لم تكن قوة الصوت وحدها سر نجاحه، بل كان إخلاصه في التلاوة وخشوعه العميق سبباً في وصول صوته إلى القلوب قبل الآذان.

التحق الشيخ الطبلاوي بالإذاعة المصرية عام 1970 بعد اجتيازه اختبارات دقيقة، ومنذ ذلك الحين أصبح صوتاً ثابتاً في المحافل الدينية والمناسبات الوطنية. كما مثّل مصر في العديد من الدول خلال مسابقات واحتفالات قرآنية، ليثبت مكانته سفيراً للتلاوة المصرية.

ولاحقاً تولى منصب نقيب القرّاء، حيث ساهم في دعم القرّاء الشباب وحماية حقوقهم المهنية.

ولم يكن الشيخ الطبلاوي قارئاً فحسب، بل كان مدرسة متكاملة في الأداء الصوتي والتفسير اللحني للآيات.

وقد تتلمذ على يديه عدد كبير من القرّاء، وخلّد بصوته تلاوات بارزة لسور مثل “يوسف”، “طه”، و“الرحمن”، وهي من أشهر التلاوات التي أظهرت عبقريته في التحكم بالنَفَس والمقامات.

رحل الشيخ محمد محمود الطبلاوي عن عالمنا في 5 مايو 2020، لكن إرثه العظيم ما زال حاضراً في ذاكرة المسلمين حول العالم. وما زالت تلاواته تتصدر منصات البحث والاستماع لما فيها من روحانية وجمال يصعب تكراره.

ختاماً، يبقى الشيخ الطبلاوي نموذجاً للقارئ المتقن الذي جمع بين العلم والصوت والروح، ورمزاً خالداً من رموز التلاوة المصرية، ليظل اسمه محفوراً في ذاكرة عشّاق القرآن جيلاً بعد جيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى