تاريخ ومزارات

 الملك العادل.. من انقسام البيت الأيوبي إلى قيام دولة المماليك

بعد وفاة الملك العادل سنة 615هـ، عادت مأساة التمزق التي أصابت البيت الأيوبي عقب رحيل صلاح الدين الأيوبي، فقد جرى تقسيم الممالك بين أبناء العادل، فحكم المعظم عيسى دمشق، وتولى الكامل محمد مصر، وأصبح الأشرف موسى سيد ديار بكر والجزيرة، لكن الطموح والرغبة في التوسع سرعان ما أشعلت نيران الفتنة بينهم، إذ سعى كل منهم لترسيخ سلطانه على حساب الآخر.

قصة الملك العادل

الكامل محمد، الذي ورث قوة أبيه العادل وعزيمة عمه صلاح الدين، حمل حلم التوحيد، فعمل على بسط سيطرته على بلاد الشام والجزيرة، مستوليًا على مدن كانت تحت حكم إخوته وأبناء عمومته، هذا التوسع أدى إلى توتر شديد بينه وبين أخيه المعظم عيسى في دمشق، فدخلت الأسرة الأيوبية مرحلة صراع لا ينتهي.

وبعد وفاة الكامل عام 635هـ، تولى ابنه الأصغر العادل سيف الدين الثاني عرش مصر والشام، متجاهلًا أخاه الأكبر نجم الدين أيوب المعروف بالملك الصالح، الذي كان واليًا في حصن كيفا بالجزيرة، شعر نجم الدين بالغبن، لكنه لم يفقد الأمل، استعان بقوة الخوارزميين الذين تشتتوا بعد سقوط دولتهم أمام المغول، فصاروا جيشًا مرتزقًا يتحكم في موازين القوى بين أمراء الأيوبيين.

في الجزيرة، واجه نجم الدين خصومة شديدة مع الملك الرحيم صاحب الموصل، الذي خطط للقبض عليه وتسليمه للخليفة في بغداد، غير أن الخوارزميين ساعدوه على الصمود، ثم اتجه إلى دمشق سنة 636هـ، وترك ابنه توران شاه في حصن كيفا، مستغلًا الانقسام بين العادل الثاني في مصر ونوابه في الشام، فمال هؤلاء إليه.

وفي عام 637هـ، دخل نجم الدين مصر بمساعدة فخر الدين بن شيخ الشيوخ، أحد الأيوبيين الساخطين على العادل الثاني بعد أن سجنه، كما نجح في السيطرة على مصر وبويع سلطانًا، وحصل على اعتراف الخليفة العباسي ومع ذلك، لم تنتهي خصومات البيت الأيوبي، فقد تصارع مع ابن أخيه الصالح إسماعيل في دمشق، ومع ابن عمه الناصر داود في الكرك، حتى الخوارزميون الذين اعتمد عليهم، كانوا يتقلبون بين التحالف والعداء.

أخطر خصوماته كانت مع الصالح إسماعيل، الذي تحالف مع الفرنجة في عكا، وسمح لهم بشراء السلاح ودخول القدس، عند معركة تل العجول، انقلبت جيوش الشام على إسماعيل والفرنجة، وانضمت إلى جيش نجم الدين، فانتصر الأخير، واستولى على دمشق وأسر عمه، ثم أطلق سراحه لاحقًا.

وبوفاة نجم الدين سنة 646هـ، تولت زوجته شجرة الدر تدبير الأمور، فاستدعت ابنه توران شاه من حصن كيفا وبويع سلطانًا، غير أن حكمه كان قصيرًا، إذ قُتل على يد مماليك والده بسبب خلافات داخلية، حينها نصّبوا شجرة الدر سلطانة، لكنها لم تلبث أن تخلت عن العرش لصالح أتابك العسكر المعز أيبك التركماني سنة 648هـ، لتبدأ صفحة جديدة في تاريخ مصر والشام بظهور دولة المماليك التي ورثت الدولة الأيوبية وأكملت مسيرتها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى