المزيد

الخبز عبر العصور.. حكاية “العيش” الذي منح للحياة معنى

الخبز عبر العصور.. حكاية “العيش” الذي منح للحياة معنى

كتبت شيماء طه

عندما نقول كلمة “العيش” في مصر، فإننا لا نقصد مجرد الخبز، بل نعني الحياة نفسها ، هذه العلاقة الفريدة بين الرغيف والإنسان لم تولد اليوم، وإنما بدأت منذ آلاف السنين، يوم أن أشعل المصري القديم ناره الأولى ليصنع رغيفًا صغيرًا من القمح، ويضعه على المائدة كإعلان بأن الحضارة تبدأ من هنا.

رغيف من زمن الفراعنة

كان الخبز عند المصريين القدماء أكثر من مجرد وجبة، لقد كان شاهدًا على الزراعة، والوفرة، وحتى على الطقوس المقدسة، تنوعت أنواعه بين البسيط المحشو بالتمر، والفاخر المختمر بالعسل، حتى إن المقابر الفرعونية كشفت عن أكثر من أربعين نوعًا مختلفًا، كأن المصري القديم أراد أن يقول: “لن أترك الحياة من دون خبزي المفضل.”

والأجمل أن الخبز لم يكن طعامًا للأحياء فقط، بل كان هدية للأموات، وُضع في المقابر مع اللحوم والنبيذ كزاد للروح، إيمانًا بأن الحياة الأخرى تحتاج إلى ما يُبقيها دافئة ومتصلة بالأرض.

خبز الفقراء والأغنياء

في العصور الوسطى، حمل الخبز دلالات جديدة ، لم يعد مجرد غذاء، بل صار علامة على الفوارق الاجتماعية. الأغنياء تذوقوا الخبز الأبيض الناعم، بينما تقاسم الفقراء الخبز الأسمر المصنوع من الشعير ، لكن المشترك بينهما أن الرغيف ظل هو العصب الأساسي للحياة، مهما اختلف لونه أو شكله.

الخبز في حاضرنا

اليوم، لا يخلو بيت مصري من الخبز البلدي، الذي يحمل بين طياته رائحة الطين والنار، وكأننا نعيد كل صباح إحياء ذكرى أجدادنا ، ورغم تنوع أشكال الخبز الحديثة من توست ومخبوزات أوروبية، يظل الرغيف البلدي هو الأقرب للقلب، لأنه ببساطة يعيدنا للجذور.

(الخبز) رمز للكرامة والدفء

الخبز ليس مجرد لقمة ، هو مرآة تعكس قيمًا إنسانية عميقة: المشاركة، الكرم، الكرامة ، يكفي أن نلاحظ أن المصري يطلق عليه “العيش”، في حين أن معظم لغات العالم تسميه “خبزًا” وكأننا نحن فقط من ربطناه بالحياة ذاتها.

الخبز عبر العصور ليس تاريخًا غذائيًا فحسب، بل قصة إنسانية تروي كيف بحث الإنسان عن معنى البقاء، وكيف جعل من الرغيف الصغير رمزًا للحياة، من أفران الفراعنة وحتى أفراننا اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى