حوارات و تقارير

الموسيقى الشعبية في البحرين: فنون الصوت والخليج

أسماء صبحي – تعد الموسيقى الشعبية البحرينية أحد أهم أركان الهوية الثقافية للمملكة. فهي مرآة تعكس تراثها البحري والبدوي، وتروي حكايات مجتمع تشكلت ملامحه من تداخلات التاريخ والتجارة والبحر. وتبرز في هذا السياق أنماط متعددة من الفنون الموسيقية التقليدية، من أبرزها “فن الصوت” و”الفنون الخليجية”، اللذان يمثلان روح الإيقاع الشعبي في البحرين. ويحظيان بمكانة خاصة في الذاكرة الجماعية للبحرينيين.

فن الصوت

يعد فن الصوت أحد أعرق أشكال الغناء التقليدي في البحرين والخليج عمومًا. وهو فن يعتمد على أداء المطرب بصوته الصافي القوي مصحوبًا بآلة العود كعنصر أساسي إلى جانب الإيقاع المصاحب باستخدام آلات مثل “الطبل” و”المرواس”. وتكمن قيمة فن الصوت في قدرته على الدمج بين الشعر والغناء والتعبير العاطفي. إذ تؤدى كلماته من القصائد الفصيحة أو النبطية، والتي تتناول موضوعات الحب، والحنين، والفخر، والوجد.

وتاريخيًا، ارتبط فن الصوت بالمجالس الخاصة والمناسبات الاجتماعية خاصةً تلك التي تقام في البيوت القديمة والساحات المفتوحة. حيث يجتمع الرجال في جلسات تعرف بـ”السهرة” للاستماع إلى المغني وصوته العذب. وقد برع العديد من الفنانين البحرينيين في هذا الفن، من بينهم الراحل محمد بن فارس، وضاحي بن وليد، اللذان يعدان رموزًا أسطورية في مدرسة الصوت الخليجي.

الفنون الخليجية

إلى جانب فن الصوت، تحتضن البحرين إرثًا غنيًا من الفنون الخليجية المرتبطة بحياة البحر والغوص على اللؤلؤ. مثل فن “الفجري”، و”الدان”، و”الخماري”، وهي أنماط موسيقية تعكس حياة البحارة وآلامهم وآمالهم خلال رحلاتهم الطويلة في أعماق الخليج.

فن “الفجري” مثلًا، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالغوص على اللؤلؤ، ويعد طقسًا غنائيًا جماعيًا تؤديه فرقة من الرجال بقيادة “النهام”. وهو المغني الرئيسي الذي يقود الأداء بصوته الشجي المؤثر. كما يمثل هذا الفن متنفسًا نفسيًا وروحيًا للغواصين. ويعتمد على تكرار الإيقاعات والهتافات الجماعية التي تضفي طابعًا روحانيًا خاصًا على الأداء.

أما “الدان”، فهو فن غنائي بدوي يتميز بإيقاعه الهادئ وكلماته البسيطة التي تحمل معاني الحب والوصف والتغني بجمال الصحراء والمرأة. وتؤدى هذه الفنون غالبًا في المناسبات الوطنية والأعراس، وتدرس اليوم في بعض المدارس والمراكز الثقافية للحفاظ عليها من الاندثار.

الموسيقى الشعبية

تعد الموسيقى الشعبية البحرينية اليوم وسيلة لإحياء التراث وتعزيزه في وجدان الأجيال الجديدة. وقد ساهمت المؤسسات الثقافية مثل مركز الفنون الشعبي وجمعيات الثقافة والتراث في إعادة تقديم هذه الفنون بصيغ معاصرة. دون المساس بأصالتها من خلال عروض حية، مهرجانات فنية، وتوثيق أرشيفي يحفظ تفاصيل الأداء والملابس والإيقاعات.

كما أن إدخال بعض هذه الفنون في الأعمال الفنية الحديثة، سواء في المسرح أو الأغاني الشبابية. أسهم في تعزيز حضورها وفتح آفاق جديدة لتفاعل الأجيال معها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى