تاريخ ومزارات

في ذكرى ميلاده الـ 85 عامًا.. أسرار من رحلة شاعر الرفض أمل دنقل

لم يعش الشاعر المصري الكبير أمل دنقل سوى ثلاثة وأربعين عامًا، ورغم قصر عمره، تمكن هذا القادم من أعماق الجنوب أن يخلد اسمه بين أعظم رموز القصيدة العربية، فقد نسج أبياته من نبض الضمير الجمعي المصري، ورافق بأعماله الاستثنائية لحظات المجد والانكسار التي مرت بها الأمة على امتداد عقود.

نشأة شاعر الرفض أمل دنقل

ويصادف اليوم ذكرى ميلاد أمل دنقل الـ 85، حيث ولد في قرية القلعة بمحافظة قنا، في 23 يونيو عام 1940، وقد شكلت ثورة يوليو 1952 وجدان هذا الطفل الجنوبي، حيث شحنت قلبه بحس وطني ظل يتغلغل في قصائده.

أما أول الجراح التي تركت بصمة في ذاته، فكانت فقدان والده -عالم الأزهر- قبل أن يبلغ أمل عامه العاشر، ليحمل هذا الفقد المبكر ظلال الحزن الدائمة في كلماته.

المكتبة والموهبة الموروثة

لم يورث الأب الراحل لابنه سوى موهبة الشعر، وحب اللغة العربية، ومكتبة ضخمة تزخر بنفائس كتب الفقه والتفسير والتراث العربي، لتكون هذه المكتبة حجر الأساس في تكوين دنقل الشاعري والثقافي.

كما التحق أمل بكلية الآداب، لكنه اضطر لتركها في عامه الدراسي الأول ليبحث عن عمل يعينه على المعيشة بعد أن وجد نفسه وحيدًا في وجه الحياة.

ومنذ تخرجه من المدرسة الابتدائية عام 1952، عرف أمل دنقل بشخصيته القوية والمنظمة، واعتداده بنفسه، إضافة إلى التزامه العائلي واحترامه لقيم الأسرة، وهي صفات ظلت ملازمة له طوال حياته.

وظائف عابرة وشغف دائم بالشعر

كما تقلب أمل دنقل في عدة وظائف بعد تركه الجامعة، بدءًا من عمله بمحكمة قنا، مرورًا بجمارك السويس والإسكندرية، وانتهاءً بمنظمة التضامن الأفروآسيوي، إلا أن الشِّعر ظل الشغف الحقيقي الذي جذبه بعيدًا عن الاستقرار الوظيفي.

وفي فيلم “ذكريات الغرفة 8” للمخرجة عطيات الأبنودي، روى دنقل كيف أن والده منعه من اللعب مع الأطفال لصالح القراءة، لكونه الابن الأكبر، فكان لذلك الدور في توجيهه نحو عوالم الكتب، كما تأثر أمل بالتراث العربي والميثولوجيا الإغريقية والغربية، مما أغنى نصوصه بالرمز والدلالة. وارتفعت كلماته مع تصاعد حلم العروبة وصعود القومية المصرية.

القصيدة الأولى لأمل دنقل

كما كتب دنقل أولى قصائده أثناء المرحلة الثانوية، ونشرت في مجلة مدرسة قنا عام 1956، لكن انطلاقته الكبرى جاءت عام 1969 مع صدور ديوانه الشهير “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة”، الذي عبر فيه عن وجع المواطن العربي بعد نكسة 1967، وحفّز مشاعر المقاومة حتى تحقق نصر أكتوبر 1973.

الحب والزواج

التقى أمل دنقل بالكاتبة الصحفية عبلة الرويني عام 1976، وتزوجا في 1978، لتبدأ بينهما رحلة حياة قصيرة جمعت الحب والإبداع والألم.

سبعة دواوين خالدة

كما أصدر دنقل سبع مجموعات شعرية خلال حياته، وهي:

  1. البكاء بين يدي زرقاء اليمامة – بيروت 1969
  2. تعليق على ما حدث – بيروت 1971
  3. مقتل القمر – بيروت 1974
  4. العهد الآتي – بيروت 1975
  5. أقوال جديدة عن حرب البسوس – القاهرة 1983
  6. أوراق الغرفة 8 – القاهرة 1983
  7. إجازة فوق شاطئ البحر

والجدير بالذكر أن أمل دنقل توفى في 21 مايو 1983، بعد صراع مع مرض السرطان، وودع العالم من داخل الغرفة رقم 8 في معهد الأورام بالقاهرة، والتي شهدت آخر لحظات إبداعه، رحل بعد عامين فقط من فقدان صديق عمره يحيى الطاهر عبد الله، تاركًا رفيقهما الثالث عبد الرحمن الأبنودي وحيدًا يكمل المسيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى