كل ما تريد معرفته عن معركة دامسة.. بين قطر والبحرين

شهد يوم 7 من صفر عام 1284هـ، الموافق 9 يونيو 1867م، اندلاع معركة دامسة، وهو صراع مسلح نشب بين الخليفيين من “أهل البحرين” و”أهل قطر”، واستمر لعدة أيام، جاءت هذه المواجهة الدامية نتيجة لتدهور العلاقة بين القطريين وحاكم البحرين آنذاك، الشيخ محمد بن خليفة، الذي سبق أن عين عاملاً على قطر ليتولى حكمها.
وقد أسفرت هذه المعركة عن مقتل أكثر من 75 شخصًا، إلى جانب خسائر مادية جسيمة، وكانت واحدة من سلسلة معارك حاسمة مهدت الطريق لانفصال قطر عن سيطرة البحرين.
سبب تسميتها
سميت المعركة بـ”دامسة” نسبة إلى المنطقة التي اندلعت فيها، وهي بقعة بحرية تقع شرق منطقة الحد بجزيرة المحرق على الخليج العربي، وتعرف باسم “دامسة”، كما أصبحت هذه التسمية رمزًا للمواجهة التي كانت من العوامل المهمة التي أدّت إلى استقلال قطر عن الحكم البحريني.
ومؤخرًا، حملت ثاني سفينة حربية قطرية من طراز F-102، المصنعة في إيطاليا، اسم “دامسة” تخليدًا لموقع هذه المعركة التاريخية.
سبب معركة دامسة
بعدما أعلن القطريون رفضهم لطاعة عامل حاكم البحرين، أرسل الشيخ قاسم بن ثاني، ومن بقي من رجال قطر، رسالة إلى حاكم الرياض آنذاك، فيصل بن تركي، يناشدونه فيها بالتدخل ضد الخليفيين في البحرين وطلب مساعدته.
بلغ هذا الخبر الشيخ محمد بن خليفة، حاكم البحرين، فبدأ في حشد الجيوش من مختلف القبائل، أدرك الشيخ محمد بن ثاني، دون غيره من أهل قطر، أن الحشد موجه ضده، فسارع إلى التوجه نحو البحرين لمقابلة الحاكم وتقديم الاعتذار عمّا بدر منه، مطالبًا في الوقت ذاته بعزل العامل المُرسل إلى قطر ومنح القطريين حق الإدارة الذاتية.
كما أكد في رسالته إلى حاكم الرياض رغبته في تجنّب إراقة الدماء من الجانبين والعودة إلى المسار السلمي، لكن رغم ذلك تم اعتقاله عند وصوله إلى البحرين، ومنع من مقابلة الحاكم محمد بن خليفة، وتم الزجّ به في السجن.
هذا الاعتقال أشعل غضب القطريين، فهبوا لنجدة أميرهم المسجون، وقرروا التوجه إلى البحرين لتحريره، وكان يقود هذه الحملة ناصر بن جبر، أمير قبيلة النعيم، واستعد أهل قطر للمواجهة، وانطلقوا في سفنهم مرددين شعراً نبطياً حماسيًا:
حرَمْ عليك الصلح منا ما دامْ قاسم في الحدي
لا بدْ ما تاردْ سفنَّا بالسيف مصقول الحديد
وقوع المعركة
عندما اقتربت سفن القطريين من شواطئ البحرين، فوجئوا بأن جيوش البحرين قد سبقتهم إلى منطقة “دامسة” البحرية، حيث كانت مستعدة للمعركة. ترأس الجيش الشيخ علي، شقيق حاكم البحرين، وكان معهم 24 سفينة تقلّ ما يقارب 500 مقاتل، بالإضافة إلى 200 رجل على اليابسة.
وفي يوم 7 من صفر عام 1284هـ، الموافق 9 يونيو 1867م، التقى الفريقان في معركة بحرية ضارية، التحمت السفن باستخدام كلاليب الحديد، واصطفت الجموع على ظهر المراكب، واشتد القتال بالسيوف حتى تلونت مياه البحر بدماء المحاربين، وكانت معركة شرسة، سقط خلالها عدد كبير من القتلى من كلا الجانبين، وانتهت بهزيمة القطريين الذين انسحبوا إلى قواعدهم.
لاحقًا، أرسل حاكم البحرين أسطولًا كبيرًا لتعقب القوات القطرية المنسحبة، وهاجم الجيش البحريني بلدة قطر، وبدأ الأهالي في التراجع والفرار تحت وطأة الهجوم العنيف.
وفي خضم المعركة، قامت فرقة من الجيش القطري بالالتفاف نحو الساحل لقطع طريق الانسحاب عن الخليفيين، وحين أدركت القوات البحرينية الفخ، سعت للفرار نحو سفنها، لكن الفصيلة القطرية طاردتهم وتمكنت من أسر الشيخ علي.
وفي نهاية المطاف، تم تبادل الأسرى بين الطرفين؛ الشيخ محمد بن ثاني، زعيم القطريين، أفرج عنه من سجون البحرين، في مقابل إطلاق سراح الشيخ علي، قائد الجيش البحريني. وأُطلق على هذا الحدث الأخير اسم “وقعة الطويلة”.



