“وليمة الموتى”.. عادة سودانية غريبة في كل رمضان

أميرة جادو
مع حلول شهر رمضان المبارك، تحيي الشعوب العربية والإسلامية العديد من العادات والتقاليد المتوارثة، التي تتنوع بين المألوف والغريب، إلا أن إحدى العادات السودانية تبرز بشكل خاص بفرادتها، وهي ما يعرف بـ”وليمة الموتى” أو “عشاء الراحلين”، حيث يقيمها السودانيون سنويًا تخليدًا لذكرى أحبائهم المتوفين، وفاءً لأرواحهم وتصدقًا عنهم.
وليمة الموتى
يتم إقامة هذه العادة الفريدة في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، والتي تعرف محليًا بـ”الجمعة اليتيمة”، فيما يطلق على المناسبة أيضًا “الرحمتات”، وهي كلمة تعني “الرحمة أتت” أو “الرحمة تأتي”، وفق اللهجة السودانية، وتتمثل الطقوس في تحضير مأدبة طعام كبيرة يتجمع بها الكثير من الأشخاص، ليترحموا على الفقيد ويقدموا الدعوات بالرحمة والمغفرة.
وفقًا لبعض المصادر، فإن هذه العادة تقام عادةً بعد مرور عام على وفاة الشخص، وتخصص في الغالب للمشايخ، الفقهاء، وبعض الشخصيات البارزة في المجتمع، حيث يحرص ذوو المتوفى، خاصة في الأرياف والقرى السودانية، على إحياء ذكراه من خلال إعداد وليمة بنية التقرب إلى الله والتصدق على روحه.
أهازيج الأطفال وقرع الطبول جزء من الطقوس
من المظاهر اللافتة لهذا التقليد، تجوّل الأطفال بين البيوت وهم يقرعون الطبول ويؤدون أهازيج شعبية تدعو أصحاب المنازل للإسراع في منحهم الطعام، في أجواء تراثية تمزج بين الاحتفاء بالرحمة وإحياء ذكرى الموتى بالدعاء لهم بالمغفرة.
والجدير بالذكر أن “وليمة الموتى” تعتبر واحدة من التقاليد النادرة التي تجسد قيم الوفاء والتكافل الاجتماعي في السودان، حيث يحرص المجتمع على إحياء ذكرى أحبائهم بطرق تعكس روح العطاء والتراحم، مما يجعلها عادة مميزة تظل راسخة في الذاكرة السودانية رغم اختلاف العادات بين الشعوب الإسلامية.