عائلة الشهابيين: رمز التاريخ والسياسة في لبنان

أسماء صبحي
تعتبر عائلة الشهابيين من أبرز العائلات التي تركت بصمتها على التاريخ اللبناني. حيث امتد تأثيرها عبر الأجيال وشمل مجالات السياسة، والثقافة، والعمران. ويعود أصل هذه العائلة إلى بني مخزوم، وهي قبيلة عربية عريقة لها جذور ممتدة في التاريخ الإسلامي.
وكان للعائلة دور بارز في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية للبنان. وخاصة في منطقة حاصبيا جنوب البلاد، التي أصبحت مركزًا رئيسيًا لهم.
أصل عائلة الشهابيين
استقرت العائلة في منطقة حاصبيا في القرن السابع الميلادي. ويعود نسبها إلى بني مخزوم، إحدى القبائل القريشية التي كان لها تأثير كبير في العصر الإسلامي الأول. ومع انتقال أفراد العائلة إلى لبنان، قاموا بتأسيس إمارة الشهابيين التي شكلت حجر الزاوية للحكم المحلي في لبنان خلال العصور الوسطى.
وعلى مر العصور، لعبت العائلة دورًا محوريًا في الحياة السياسية في لبنان. وكان الأمير بشير الشهابي الثاني أحد أبرز الشخصيات في العائلة، وحكم لبنان في القرن التاسع عشر. كما عرف بشير بشخصيته القيادية ودوره في توحيد لبنان وتعزيز الاستقرار. وكان لعلاقاته الدولية دور في ترسيخ مكانة لبنان على الساحة الإقليمية.
إلى جانب ذلك، ساهمت العائلة في الترويج للسلام والتعايش بين الطوائف المختلفة. حيث كانت حاصبيا مركزًا للعديد من المبادرات التي جمعت بين المسيحيين والدروز والمسلمين. مما يعكس الحكمة السياسية لأفراد العائلة.
الإرث الثقافي والمعماري
من أبرز معالم العائلة قلعة الشهابيين في حاصبيا، التي تعتبر تحفة معمارية تعكس فنون العمارة الإسلامية. وكانت القلعة، التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي، مقر حكم العائلة ومركزًا لإدارة شؤون المنطقة. ولا تزال القلعة قائمة حتى اليوم، ويعيش فيها بعض أفراد العائلة، مما يعكس ارتباطهم الوثيق بجذورهم التاريخية.
إضافة إلى القلعة، اهتمت عائلة الشهابيين بإنشاء العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية التي ساعدت في نشر المعرفة وتعزيز الهوية الثقافية في لبنان.
ويقول الدكتور فادي نصر، أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية، إن عائلة الشهابيين ليست مجرد عائلة حكمت لبنان، بل هي جزء لا يتجزأ من نسيج التاريخ اللبناني. كما أن إرثها السياسي والثقافي يعكس إسهاماتها في تعزيز الهوية الوطنية، والحفاظ على التراث الثقافي والمعماري للبلاد.
ولا تزال العائلة تحتفظ بمكانتها بين العائلات اللبنانية العريقة. حيث يسعى أفرادها للحفاظ على الإرث التاريخي والثقافي الذي تركه أجدادهم. كما أن القلعة في حاصبيا أصبحت وجهة سياحية بارزة، تجذب الزوار الراغبين في التعرف على تاريخ لبنان العريق.