تاريخ ومزارات

أبو العباس السفاح: مؤسس الدولة العباسية وأول خلفائها

أسماء صبحي 

يعد أبو العباس عبد الله بن محمد، المعروف بلقب السفاح. أحد أعظم الشخصيات التاريخية التي لعبت دورًا محوريًا في تأسيس الدولة العباسية، ثاني أكبر خلافة إسلامية بعد الراشدين. ولد عام 722م (104هـ) في مدينة الحجاز. وسط عائلة عباسية تنحدر من نسل العباس بن عبد المطلب، عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

الثورة العباسية وإسقاط الأمويين

برز أبو العباس السفاح كزعيم للثورة العباسية التي بدأت من خراسان. تحت قيادة الداهية العسكري أبو مسلم الخراساني. وجاءت هذه الثورة استجابة لسنوات من الظلم الاجتماعي والسياسي الذي مارسه الأمويون، خاصة تجاه غير العرب من المسلمين.

كانت معركة الزاب الكبرى في عام 750م (132هـ) نقطة التحول. حيث انتصر العباسيون على الجيش الأموي بقيادة مروان بن محمد، آخر خلفاء الأمويين. وبعد هذه المعركة، استولى العباسيون على دمشق، عاصمة الدولة الأموية. وأعلن أبو العباس السفاح نفسه خليفة في الكوفة، واضعًا حدًا للحكم الأموي الذي استمر لمدة 90 عامًا.

سياسة حكم أبو العباس السفاح

رغم قصر فترة حكمه (750م-754م)، تميز عهد السفاح بسياسات حازمة لضمان استقرار الدولة الوليدة، ومنها:

  • القضاء على المعارضة: بعد سيطرته على الحكم، أمر السفاح بملاحقة الأمويين لضمان عدم عودتهم للسلطة. كما يذكر المؤرخون أنه نفذ سياسات صارمة شملت إعدام عدد كبير من أفراد الأسرة الأموية.
  • تثبيت السلطة: نقل السفاح العاصمة من دمشق إلى الكوفة، ليبدأ عهد العباسيين بعيدًا عن النفوذ الأموي. كما أعاد توزيع المناصب والسلطة لتشمل العرب والفرس على حد سواء.
  • إصلاحات اقتصادية: ركز السفاح على استعادة التوازن الاقتصادي، حيث أعاد توزيع الثروات التي احتكرها الأمويون، مما أكسبه شعبية كبيرة بين الطبقات الدنيا.

إنجازاته العسكرية والإدارية

إلى جانب توطيد الحكم داخليًا، كان السفاح قائدًا ماهرًا في إدارة الحملات العسكرية. تمكن من قمع عدة ثورات صغيرة في أنحاء الدولة وضمان ولاء القبائل العربية والفارسية، مما ساعد في توحيد الدولة الناشئة.

ويقول الدكتور أحمد الشكري، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة، إن أبو العباس السفاح كان قائدًا ذا رؤية. ورغم قصر فترة حكمه، فقد نجح في وضع أسس قوية لدولة العباسيين التي أصبحت لاحقًا واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ الإسلامي.

بعد وفاة السفاح عام 754م، تولى الحكم أخوه أبو جعفر المنصور. الذي استكمل مسيرة تثبيت أركان الدولة العباسية وأسّس مدينة بغداد، التي أصبحت مركزًا للحضارة الإسلامية. ومع ذلك، يذكر أبو العباس كأول من بدأ هذه النهضة. حيث أرسى القواعد الإدارية والسياسية التي اعتمدت عليها الدولة العباسية لمدة تزيد عن خمسة قرون.

ظل العباسيون قوة مؤثرة في العالم الإسلامي، حيث شهد عصرهم تطورات كبيرة في مجالات العلم، الأدب، والفن. ومن هذا المنطلق، كان السفاح هو المؤسس الذي وضع حجر الأساس لهذه الإمبراطورية الثقافية والسياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى