جميلة بوحيرد: رمز النضال الجزائري ضد الاستعمار
أسماء صبحي
جميلة بوحيرد، واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في تاريخ الجزائر الحديث، وأيقونة النضال ضد الاستعمار الفرنسي. ولدت في الجزائر العاصمة عام 1935، وترعرعت في أسرة وطنية غرست فيها حب الوطن والتمسك بالهوية الجزائرية.
رحلة نضال جميلة بوحيرد
التحقت جميلة بصفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية في فترة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي، وبرزت كأحد أبرز عناصر المقاومة. وعملت كمرسلة ومنسقة بين خلايا المقاومة، وشاركت في عمليات نوعية ضد القوات الفرنسية.
في عام 1957، ألقي القبض عليها بعد إصابتها خلال إحدى العمليات. وخضعت لتعذيب وحشي بهدف انتزاع اعترافات منها، لكنها ظلت صامدة ولم تخضع لضغوط المستعمر.
حوكمت جميلة بوحيرد أمام محكمة فرنسية وأصدرت ضدها عقوبة الإعدام. ولكن حملة تضامن دولية ضخمة أجبرت فرنسا على تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد. وبعد استقلال الجزائر عام 1962، أُطلق سراحها وعاشت لتصبح رمزاً للنضال والصمود، ليس فقط في الجزائر، بل في العالم العربي كله.
وتقول جميلة في إحدى مقابلاتها: “لم أكن أعتبر نفسي بطلة، كنت أفعل ما يمليه علي ضميري تجاه وطني”. وتعكس هذه الكلمات البسيطة شجاعة المرأة التي جسدت معاني التضحية من أجل الحرية والاستقلال.
دورها بعد الاستقلال
بعد الاستقلال، لم تبتعد جميلة عن قضايا شعبها، بل استمرت في الدفاع عن حقوق المرأة الجزائرية والمشاركة في بناء وطنها. كما كانت من الأصوات التي طالبت بتمكين المرأة ومساواتها في مجتمع عانى من التهميش بسبب سنوات الاستعمار الطويلة.
حياتها ألهمت العديد من الفنانين والكتاب، حيث أنتجت أفلام وأعمال أدبية عن مسيرتها، أبرزها فيلم “جميلة” للمخرج يوسف شاهين. وهذا العمل ساهم في تخليد ذكراها وجعل اسمها يتردد في كل مكان كرمز للحرية والشجاعة.
تعتبر جميلة بوحيرد اليوم أيقونة عالمية للثورات التحررية، وأحد النماذج الملهمة للأجيال الشابة. كما تظهر قصتها أن الشجاعة ليست مقتصرة على الرجال، بل هي قوة تعبر الجنس والزمان والمكان. وتجسد قدرة الإنسان على التضحية من أجل قضيته.