قبيلة غسان: صناع الحضارة في بلاد الشام
أسماء صبحي
قبيلة غسان واحدة من القبائل العربية القحطانية التي هاجرت من جنوب الجزيرة العربية بعد انهيار سد مأرب، واستقرت في بلاد الشام. وينسب الغساسنة إلى جفنة بن عمرو بن ماء السماء، وكانوا يُعرفون بحضارتهم المتقدمة ودورهم السياسي البارز في المنطقة.
مملكة قبيلة غسان
أسس الغساسنة مملكة قوية في بلاد الشام، وعملوا كحلفاء للإمبراطورية البيزنطية، حيث لعبوا دوراً مهماً في الدفاع عن حدود الإمبراطورية ضد الهجمات الفارسية والقبائل البدوية. واشتهرت القبيلة بنظام حكمها المتطور، حيث أقامت مراكز عمرانية وتجارية مزدهرة، وكانت عاصمتهم مدينة الجابية في الجولان السوري.
على الصعيد الثقافي، كان الغساسنة من رواد الأدب والشعر العربي قبل الإسلام، حيث احتضنوا كبار الشعراء مثل النابغة الذبياني. كما اشتهروا بمهارتهم في العمارة والفنون، مما جعل آثارهم شاهداً على تقدمهم الحضاري.
كانت علاقة الغساسنة بالبيزنطيين محورية في تعزيز قوتهم. حيث ساعدهم البيزنطيون في إدارة الأراضي الشامية، بينما استفادوا من الحضارة الرومانية في تطوير أساليبهم العسكرية والإدارية. وهذا التعاون كان له دور كبير في الحفاظ على استقلالهم السياسي لفترة طويلة. رغم الضغوط التي تعرضوا لها من قبل الفرس والقبائل البدوية.
ظهور الإسلام
مع ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، دخل العديد من أبناء قبيلة غسان في الدين الجديد، وأصبحوا من الداعمين البارزين للمسلمين في فتوحات بلاد الشام. وشاركوا في معركة مؤتة التي كانت من أبرز المواجهات بين المسلمين والإمبراطورية البيزنطية.
رغم سقوط مملكة غسان في القرن السابع، إلا أن آثارهم التاريخية والحضارية استمرت في التأثير على سكان المنطقة. حيث استمروا في الحفاظ على ثقافة الشام وأساليب الحكم المتقدمة التي ورثوها.
ويقول الباحث الدكتور محمد زيدان: “الغساسنة جسدوا نموذجاً متميزاً للقبائل العربية التي استطاعت المزج بين البداوة والحضارة. مما جعلهم رمزاً للتطور الثقافي والسياسي في التاريخ العربي”.