الكاتب حاتم عبدالهادي السيد يكتب :عن الرومانسية والمستقبل السعيد
الشعر العامي هو صوت الوجدان، ونبض الروح، وشغافة القلب، التي تتحدر منها أنهار الشعر، عبر أقانيم البوح، وأقاليم الكون والعالم السعيد . ولم لا، والشعر هو زاد العاشق، وطعام المحروم الملتاع، المتوله،والمقروح، كما أنه دواء المستهام، وهو الماء للعطشان لسقيا الروح، بعد ظمأ ممتد!!.
فما بالكم بظمأ الحب والعشق والهيام، والنزوع إلى طى صفحة الماضي الحزين، بآلامه وأحزانه، وبقروحه وجروحه ، والنظر إلى المستقبل عبر قلب مبتهج سعيد ، ومنفتح على الحياة والحب ، والغناء والشعر، والسموق في أرجاء الحياة بحثا عن سعادة ممتدة.
إن شعر العامية المصرية – كما أقول – هو أدب الشعب، وهو صوت الطبقات الممتدة عبر ربوع الأقاليم، وهو لسان حال الغلابة الطيبين، والمهمشين، والفقراء الذين يتحدثون بلغة الفطرة، أو لغة الشارع اليومى، الحياتي، دون تكلف، لكي يجابهوا الحياة بالأمل، والتحليق بالحلم البرىء في كسرة خبز تسد رمق أطفالهم، أو كساء يقيم برد صقيع الحياة.
والعامية المصرية هي النموذج المعبر عن كل شرائح الحياة المجتمعية المصرية في كافة الأقاليم، يتحدث بها أهل الحارة، والحي، والعزبة، والفلاح في الحقل، والعامل في المصنع، والسائق والتاجر وأصحاب الحرف والصناعات، ولا تقتصر على الفقراء والمهمشين؛ بل هى – كذلك – لهجة ،ولغة المثقفين كذلك، لذا هي ليست لهجة محلية فحسب ، بل أصبحت لغة قومية تشير إلى الثقافة والحياة، وهي لغة شعبية، رسمية، تشتق مادة وجودها من لغتنا العربية الجميلة، اللغة الرسمية للأقطار العربية والإسلامية كذلك..
ولقد تنوعت ايقاعات العامية ما بين اليومى والحياتى، والواقعى والتخييلى، وبين المغرقة في الرمز، والمباشرة الإحالية الرامزة. ويعزى هذا التنوع إلى البيئة التى يعيشها الشاعر، والظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية المحيطة به،علاوة إلى الظرف التاريخى والأيديولوجى، ومدى الحرية التى يتمتع بها العصر، كما إنها تخطت مرحلة الشفاهية إلى الكتابية للكتاب شرعية وجودها العصر الحداثي، وما بعد الحداثة كذلك.
وفي ديوانه( مفيش ماضي) للدكتور / أبو العلا عارف ، نلمح رومانتيكية الموضوع الشعري، مع فطرة الشعر الخارج من وجدان شاعر جميل، يرى الحياة بمنظور محب يريد السعادة الحقيقية لذاته وللناس . لذا وجدنا شعره ينزع إلى الغنائية، والكلمة التي تحيلنا إلى الحلم، والوجد ، والواقع المثالي الجميل للحياة، حيث يتسيد الحب العالم،، ويري الجمال موجودا ونابعا من فطرته الكونية، ومن ذاته المحبة للحياة، وكأنه يطبق مقولة فلسفة الجمال الخالص: ” كن جميلا ترى الوجود جميلا” .
وتتوزع قصائد الديوان بين الشعر الرومانتيكي العاطفي، والأغاني الرومانسية، وأدب الرسائل العاطفية، كما نشاهد الحب للأم، وللوطن والعالم، ونرى الشعر الوطني، والشعر الوجداني، والدرامي، وقصائد ممتدة في موضوعات عديدة تتناول الجوانب النفسية، والإجتماعية، والحياتية، كذلك.