واخي.. قبيلة أفغانية تعيش في عزلة منذ آلاف السنين

في قلب سلسلة جبال شاهقة على ممر “واخان” الجبلي الوعر، حيث تلتقي الحدود الأفغانية مع طاجيكستان وباكستان. تعيش قبيلة “واخي” الأفغانية في عزلة تامة عن العالم. لا يعرف أطفالها أسماء مثل رونالدو وميسي. ولا يدرك كبارها شيئاً عن حكم طالبان أو الغزو الأمريكي لأفغانستان قبل أكثر من 14 عاماً. بل يعيشون حياتهم الهادئة بعيداً عن أي مظهر من مظاهر الحضارة الحديثة.
اكتشاف قبيلة واخي
الصدفة وحدها كشفت عن وجود هذه القبيلة حين ضل المصور الفرنسي إريك فورج طريقه خلال رحلة سياحية إلى طاجيكستان في أغسطس الماضي. ووجد فورج نفسه أمام عالم بدائي لا يعرف الكهرباء أو محركات الديزل. حيث يسود الصمت ولا يسمع سوى أصوات الطبيعة القاسية، خاصة في فصل الشتاء عندما تعصف الرياح وتهدر الرعود.
كما يعيش أكثر من 12 ألف شخص من أبناء قبيلة “واخي” في هذه المنطقة النائية، متكيفين مع الظروف القاسية التي تحيط بهم. لغتهم المحلية مزيج من الطاجيكية والدارية. وهي لهجة يصعب على الغرباء فهمها. ويكتفي أفراد القبيلة ذاتياً بزراعة المحاصيل ورعي الماشية، بعيداً عن أي تواصل مع الغرباء. حرصاً على الحفاظ على تقاليدهم وأسلوب حياتهم الذي يمتد لأكثر من 2000 عام.
يروي أبناء القبيلة أن أجدادهم تركوا بصماتهم على جدران الكهوف برسوم تعكس أسلوب حياتهم وطريقة بناء منازلهم، التي يطلقون عليها “وبخ”. هذه المنازل تتكون من الحجر والجص، وتشاد على خمسة أعمدة ترمز إلى فروض الصلاة اليومية. داخل كل منزل مطحنة حجرية لطحن الحبوب، وفرن للطهي والتدفئة، إلى جانب أدوات غزل خشبية تستخدمها النساء لصناعة الملابس من أصواف الماعز.
سبب عزلتها
ارتفاع القرية الذي يصل إلى 4500 متر عن سطح البحر يجعل شتاءها قارس البرودة، إذ تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر. ومع ذلك، يستمر أفراد القبيلة في استخدام أساليبهم التقليدية للتدفئة والغذاء. أما زعيم القبيلة، فقد أوضح أن موقعهم الجغرافي النائي كان السبب في عزلتهم الطويلة، مؤكداً أنهم لا يرسلون أبناءهم للتعلم خارج القرية ولا يلجؤون إلى المستشفيات، حيث يعتمدون على الطب التقليدي وحكيم القرية في علاج أمراضهم.
كما أشار الزعيم إلى بعض التغيرات الطفيفة في حياتهم، مثل تبادل السلع مع الدوريات العسكرية الحدودية التي تمر أحياناً بالقرب منهم. يبادل أفراد القبيلة ملابسهم المزركشة برؤوس الماشية، وهي تعاملات بسيطة لا تكاد تخلّ بعزلتهم التي ظلوا متمسكين بها عبر القرون.
قبيلة “واخي” هي نموذج فريد لحياة أصيلة حافظت على طابعها الخاص في مواجهة الزمن، تاركة العالم الحديث بعيداً عن حدودها.